للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكمامةٍ حدر الصباح قناعها ... عن صفحة تندى من الأزهار

في أبطحٍ رضعت ثغور أقاحه ... أخلاف كلّ غمامةٍ مدرار

نثرت بحجر الأرض فيه يد الصّبا ... درر النّدى ودراهم النّوّار

وقد ارتدى غصن النّقا، وتقلّدت ... حلي الحباب سوالف الأنهار

فحللت حيث الماء صفحة ضاحك ... جذلٍ وحيث الشّطّ بدء عذار

والريح تنفض بكرةً لمم الرّبى ... والطّلّ ينضح أوجه الأشجار

متقسّم الألحاظ بين محسنٍ ... من ردف رابيةٍ وخضر قرار

وأراكة سجع الهديل بفرعها ... والصبح يسفر عن جبين نهار

هزّت له أعطافها ولربّما ... خلعت عليه ملاءة الأنوار وقوله (١) :

سقياً ليوم قد أنخت بسرحةٍ ... ريّا تلاعبها الرياح فتلعب

سكرى يغنّيها الحمام فتنثني ... طرباً ويسقيها الغمام فتشرب

يلهو فترفع للشبيبة رايةٌ ... فيه، ويطلع للبهارة كوكب

والروض وجهٌ أزهرٌ، والظلّ فر ... عٌ أسودٌ، والماء ثغرٌ أشنب

في حيث أطربنا الحمام عشيّةً ... فشدا يغنّينا الحمام المطرب

واهتزّ عطف الغصن من طرب بنا ... وافترّ عن ثغر الهلال المغرب

فكأنّه والحسن مقترنٌ به ... طوقٌ على برد الغمامة مذهب

في فتيةٍ تسري فينصدع الدّجى ... عنها، وتنزل بالجديب فيخصب

كرموا فلا غيث السّماحة مخلفٌ ... يوماً، ولا برق اللطافة خلّب

من كل أزهر للنعيم بوجهه ... ماء يرقرقه الشّباب فيسكب وقال يمدح الأمير أبا يحيى بن ابراهيم (٢) :


(١) ديوانه: ٢٨٩؛ وفي ق: وقال.
(٢) ديوان ابن خفاجة: ٣٣ وأبو يحيى هو أبو بكر بن إبراهيم المعروف بابن تيلفويت (- ٥١٠) أحد أمراء المرابطين، وكان والياً مدة على سرقسطة وهو ممدوح الفيلسوف ابن باجة. والشاعر يسأله في هذه القصيدة أن يشكر القائد الأعلى أبا عبد الله ابن عائشة لبر لحق ابن خفاجة من جهته.

<<  <  ج: ص:  >  >>