للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم، إذا ظهر سرهم الذي كان يحقّونه، قالهما الجوهري.

وذكر، رحمه الله تعالى، في رحلته عجائب، منها: أنّه حكى دخوله بدمشق بيوت بعض الأكابر أنّه رأى فيه النهر جائياً إلى موضع جلوسهم، ثم يعود من ناحية أخرى، فلم أفهم معنى ذلك حتى جاءت موائد الطعام في النهر المقبل إلينا، فأخذها الخدم ووضعوها بين يدينا، فلما فرغنا ألقى الخدم الأواني وما معها في النهر الراجع، فذهب بها الماء إلى ناحية الحريم من غير أن يقرب الخدم تلك الناحية، فعلمت السر، وإن هذا لعجيب، انتهى معناه.

وقال في " قانون التأويل " (١) : ورد علينا دانشمند (٢) - يعني الغزالي - فنزل برباط أبي سعد بإزاء المدرسة النظامية، معرضاً عن الدنيا، مقبلاً على الله تعالى، فمشينا إليه، وعرضنا أمنيتنا عليه، وقلت له: أنت ضالّتنا التي كنّا ننشد، وإمامنا الذي به نسترشد، فلقينا لقاء المعرفة، وشاهدنا منه ما كان فوق الصفة، وتحققنا أن الذي نقل إلينا من أن الخبر على الغائب فوق المشاهدة ليس على العموم، ولو رآه عليّ بن العباس (٣) لما قال:

إذا ما مدحت امرأ غائباً ... فلا تغل في مدحه واقصد

فإنّك إن تغل تغل الظنو ... ن فيه إلى الأمد الأبعد

فيصغر من حيث عظّمته ... لفضل المغيب على المشهد وكنت نقلت من المطمح في حقّه ما صورته (٤) : علم الأعلام الطاهر الأثواب، الباهر الألباب (٥) ، الذي أنسى ذكاء إياس، وترك التقليد للقياس، وأنتج الفرع


(١) أزهار الرياض: ٩١.
(٢) دانشمند: الحكيم العلامة.
(٣) أي ابن الرومي.
(٤) انظر المطمح: ٦٢ ونقل المقري هذا النص في أزهار الرياض: ٩٢.
(٥) ط ق: الباهر الأبواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>