للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحميدي (١) ، نسبة لجده حميد الأندلسي، ولد أبوه بقرطبة، وولد هو بالجزيرة بليدة بالأندلس، قبل العشرين وأربعمائة، وكان يحمل على الكتف للسماع سنة ٤٢٥، فأول ما سمع من الفقيه أبي القاسم أصبغ. قال: وكنت أفصح من يقرأ عليه؛ وكان قد لقي ابن أبي زيد وقرأ عليه وتفقّه، وروى عنه رسالته ومختصر المدوّنة، ورحل سنة ٤٤٨، وقدم مصر وسم بها من الضّرّاب والقضاعي وغير واحد، وكان سمع بالأندلس من ابن عبد البر وابن حزم ولازمه وقرأ عليه مصنّفاته وأكثر من الأخذ عنه وشهر بصحبته وصار على مذهبه إلاّ أنّه لم يكن يتظاهر به، وسمع بدمشق وغيرها، وروى عن الخطيب البغدادي وكتب عن أكثر مصنّفاته، وسمع بمكّة من الزنجاني، وأقام بواسط مدّة بعد خروجه من بغداد، ثم عاد إلى بغداد واستوطنها وكتب بها كثيراً من الحديث والأدب وسائر الفنون، وصنّف مصنّفات كثيرة، وعلق فوائد، وخرّج تخاريج للخطيب ولغيره، وروى عنه أبو بكر الخطيب أكثر مصنفاته وابن ماكولا، وكان إماماً من أئمة المسلمين في حفظه ومعرفته وإتقانه وثقته وصدقه ونبله وديانته وورعه ونزاهته، حتى قال بعض الأكابر ممّن لقي الأئمة: لم تر عيناي مثل أبي عبد الله الحميدي في فضله ونبله ونزاهة نفسه وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم وبثّه في أهله، وكان ورعاً ثقة إماماً في علم الحديث وعلله ومعرفة متونه ورواته، محقّقاً في علم الأصول على مذهب أصحاب الحديث، متبحّراً في علم الأدب والعربية، ومن تصانيفه كتاب جذوة المقتبس في أخبار علماء الأندلس وكتاب تاريخ الإسلام وكتاب من ادعى الأمان من أهل الإيمان وكتاب الذهب المسبوك في وعظ الملوك وكتاب تسهيل السبيل إلى علم الترسيل وكتاب مخاطبات الأصدقاء في


(١) ترجمة الحميدي في الصلة: ٥٣٠ وتذكرة الحفاظ: ١٣١٨ وشذرات الذهب ٣: ٣٩٢ وبغية الملتمس رقم: ٢٥٧ ووفيات الأعيان ٣: ٤١٠ ومواطن من فهرسة ابن خير.

<<  <  ج: ص:  >  >>