قدم مصر سنة ٥١٥ أو بعدها، فسمع على السّلفي، وبقراءته على جماعة من شيوخ مصر، وكان لديه فقهٌ وأدب، ثم سافر إلى باب الأبواب، وكان حيّاً سنة ٥٥٦.
ومن نظمه يمدح كتاب " الشهاب ":
إن الشهاب له فضلٌ على الكتب ... بما حوى من كلام المصطفى العربي
كم ضمّ من حكمةٍ غرّا وموعظةٍ ... ومن وعيدٍ ومن وعدٍ ومن أدب
أمّا القضاعيّ فالرحمن يرحمه ... كما حباه من التأليف بالعجب ٨١ - ومنهم الحافظ أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجى، القرشي، العبدري (١) ، من أهل ميورقة من بلاد الأندلس، سكن بغداد، وسمع بها من أبي الفضل ابن خيرون وطرّاد الزينبي وأبي عبد الله الحميدي وجماعة، ولم يزل يسمع إلى حين وفاته، وكتب بخطّه كثيراً من الكتب والأجزاء، وجم وخرّج، وكان صحيح العقل، معتمد الضبط، مرجوعاً إليه في الإتقان، وكفاه فخراً وشرفاً أن روى عنه الحافظان أبو طاهر السّلفي وأبو الفضل محمد ابن ناصر، وكان فهّامة علاّمة ذا معرفة بالحديث، متعفّفاً مع فقره، وكان يذهب إلى أن المناولة والعرض كالسماع.
وقال السلفي فيه: إنّه من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرف في فنون من العلم أدباً ونحواً ومعرفة بأنساب العرب والمحدثين، وكان داودي المذهب، قرشي النسب، وقد كتب عني وكتبت عنه وسمعنا معاً كثيراً على شيوخ بغداد، ومولده بقرطبة من مدن الأندلس. وقبل اجتماعي به كنت أسمع إسماعيل ابن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان يثني عليه، فلمّا اجتمعنا وجدته فوق ما وصفه، انتهى.
(١) ترجمة ابن سعدون في معجم البلدان: " ميورقة " نقلا عن ابن عساكر. وفي الصلة: ٥٣٤.