للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تأخذه في الله لومة لائم، فعل ما يجب عليه ويلزمه، وسدّ دونه باباً كان يصعب عليه الدخول منه، فأحسن الله تعالى جزاءه؛ فغضب سعيد الخير، وقال: هذا حسبي منك، فقال له: نعم، قد قضيت الذي كان لك علي، ولست والله أعارض القاضي فيما احتاط به لنفسه، ولا أخون المسلمين في قبض يد مثله.

ولمّا عوتب ابن بشير فيما أتاه من ذلك قال لمن عاتبه: يا عاجز، أما تعلم أنّه لا بد من الإعذار في الشهادات، فمن كان يجترئ على الدفع في شهادة الأمير لو قبلتها ولو لم أعذر لبخست المشهود عليه حقّه.

وتوفّي القاضي محمد بن بشير سنة ١٩٨ قبل الشافعيّ بست سنين كما يأتي قريباً، ومحاسنه - رحمه الله تعالى - كثيرة، وقد استوفى ترجمته بقدر الإمكان القاضي عياض في المدارك، فليراجعها من أرادها، فإن عهدي بها في المغرب (١) .

وقال بعض من عرف به، ما نصّه (٢) : القاضي محمد بن بشير بن محمد المعافري، أصله من جند باجة من عرب مصر، ولاه الحكم بن هشام قضاء القضاة الذي يعبرون عنه بالمغرب بقضاء الجماعة، بقرطبة، بعد المصعب بن عمران، ثم صرفه وولى مكانه الفرج بن كنانة. وعن ابن حارث، قال أحمد ابن خالد: طلب محمد بن بشير العلم بقرطبة عند شيوخ أهلها حتى أخذ منه بحظ وافر، ثم كتب لأحد أولاد عبد الملك بن عمر المرواني (٣) لمظلمة نالته على وجه الاعتصام به وتصرف معه تصرفاً لطيفاً، ثم انقبض عنه، وخرج حاجّاً، قال ابن الحارث: وكتب محمد بن بشير في حداثته للقاضي مصعب بن عمران، ثم انصرف حاجّاً فلقي مالك بن أنس وجالسه وسمع منه، وطلب العلم أيضاً بمصر، ثم انصرف فلزم ضيعته في باجة.


(١) دوزي: فإن عهدي بها لمغرب، واستدركها فليشر في تصويباته؛ وفي ج ط ق: فإن عهدي بها المغرب.
(٢) راجع التكملة: ٣٥٥.
(٣) في ق ط ج: عبد الملك بن مروان المرواني، والتصويب عن الخشبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>