للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كمثل الرجل المملوك الذي ليس له إلا سيّد واحد فيكون خالصاً له؛ ولا سبيل لغيره عليه البتة، يعرف ما يرضيه فيؤمّل رضاه ويتجنب سخطه وغضبه، فهمّه واحد وقلبه مجتمع، فيكون بهذا مستقرّ الحال ومطمئنّ البال، وكذلك حال المؤمن بالله تعالى الذي اتخذ الله رباً واحداً فتوجّه إليه بالعبادة دون سواه خالصاً له من كلّ شريك فاستقامت حاله واطمأنّت نفسه وسعد بربّه وهنأ برضاه وقربه (١) .

وتتمّة لبيان هذا المثل القرآني أتى سبحانه بما يدلّ علىالتفاوت بين الرجلين المملوكين فقال تعالى {هل يستويان مثلاً} ؟ ويجوز أن يكون هذا الاستفهام تقريرياً أو إنكارياً، والإتيان فيه بـ (هل) لتحقيق التقرير أو الإنكار (٢) . وفيه يقول أبو السعود (٣) : ((إنكار واستبعاد لاستوائهما ونفيٌ له على أبلغ وجه وآكده، وإيذان بأنّ ذلك من الجلاء والظهور بحيث لايقدر أحد


(١) انظر: تفسير الطبري ج٢٣ ص١٣٧؛ تفسير الماوردي ج٣ ص٤٦٨، تفسير القرطبي ج١٦ ص٢٥٣؛ تفسير ابن كثير ج٤ ص٥٢؛ تفسير أبي السعود ج٧ص٢٥٣؛ تفسير السعدي ج٦ ص٤٦٩؛ التحرير والتنوير ج٢٣ ص٤٠٢.
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٣ ص ٤٠٢.
(٣) هو محمد بن محمد بن مصطفى العمادي (٨٩٨-٩٨٢?) : مفسر شاعر، من علماء الترك المستعربين، ولد بقرب القسطنطينية، ودرس ودرّس في بلاد متعددة، وتقلّد القضاء في بروسة فالقسطنطينية فالروم إيلي، وأضيف إليه الإفتاء عام ٩٥٢هـ. من أشهر كتبه: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم في التفسير (انظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلي ج٨ ص٣٩٨؛ الأعلام للزركلي ج٧ص٥٩) .

<<  <   >  >>