للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدنية - على الأقل - ودون هؤلاء الفرسان ممن منحوا الإقطاعات أو لم يمنحوها (١) ، وأدنى منهم طبقة الفلاحين، وهي طبقات متفاوتة في فقدان الحرية وفي قربها من العبودية، وفيهم أكثرية من أهل القرى المسلمين.

ففي أثناء الفتح كان رجار يستولي على الأرض التي فر عنها أهلها أو على ما افتتحه عنوة، ويقسمه بين أصحابه. وفي سنة ١٠٩٣ عقد اجتماع في مازر حضره السادة من أصحاب رجار وسلم كل واحد منهم صحيفة أو جريدة مكتوبة بالعربية، وأحياناً بالعربية واليونانية معاً، فيها وصف للأرض التي تخصه، وبيان بعدد الفلاحين والأرقاء في أملاكه (٢) . ولا شك في أن بعض سادة المسلمين سعى بين يدي رجار ليمنحه نصيبه من الغنيمة، فوجد منهم من تمتعوا بامتيازات إقطاعية، وترك أهل المدن منهم أحراراً في تصرفهم بأملاكهم، ويلخص ابن الأثير هذا النظام الإقطاعي الجديد بجملة واحدة إذ يقول في رجار: " وأسكنها الروم والفرنج مع المسلمين ولم يترك لأحد من أهلها حماماً ولا دكاناً ولا طاحوناً ولا فرناً " (٣) . وقوله هذا لا ينطبق على أهل المدن بل وربما كان جارياً على جماعات الفلاحين أو جماعات كانوا أحراراً وأحالهم الفتح إلى أرقاء لاصقين بالأرض، كما حدث في قطانية فإن رجار حين استولى عليها جعل أهلها المسلمين أرقاء، ومنحها إقطاعاً للأسقف (٤) ويصحح قول ابن الأثير ما قاله الإدريسي في ثنائه على القمط (الكونت) رجار: " ولما وصل أمرها إليه واستقر بها سرير ملكه، نشر سيرة العدل في أهلها وأقرهم على أديانهم وشرائعهم وأمنهم في أنفسهم وأموالهم وأهليهم وذراريهم " (٥) ، وهو رأى ينطبق على أهل المدن كبلرم ولا يمتد إلى المعاملة التي جرت على الفلاحين، أما ابن جبير الذي زار صقلية أيام غليالم الثاني (١١٨٤) فيقول: - " لكنها


(١) Cambridge Med. Hist. vol، ٥. P. ٢٠٤
(٢) Cecilia Waern؛ Med. Sicily. Sicily PP.٣٢ - ٣٣
(٣) ابن الأثير ١٠/ ٦٨ والمكتبة: ٢٧٨.
(٤) E. Curtis؛ Roger of Sicily P. ٤١٩
(٥) نزهة المشتاق في المكتبة: ٢٦.

<<  <   >  >>