للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معمورة بعبدة الصلبان، يمشون في مناكبها ويرتعون في أكنافها، والمسلمون معهم على أملاكهم وضياعهم قد حسنوا السيرة في استعمالهم واصطناعهم، وضربوا عليهم إتاوة في فصلين من العام يؤدونها، وحالوا بينهم وبين سعة الأرض كانوا يجدونها (١) . ويؤيد قوله هذا ما جاء في وثائق ذلك العهد إذ تدل على حرية التصرف في الأملاك والعقارات التي كان يملكها المسلمون رجالا ونساء، وبيعها تحت ظل القوانين الإسلامية وإشراف قاضي المسلمين (٢) . والظاهر من كلام ابن جبير أن المسلمين عامة كانوا يدفعون ما يسمى الجزية وإن لم تسم بهذا الاسم غلا حين تتحدث الوثائق عن اليهود، ومقدار هذه الجزية مختلف، ففي وثيقة منها قدر بعشرين رباعي وفي أخرى بعشرة، هذا عدا جزية من القمح والأرز تختلف تبعاً لنوع الأرض واتساعها (٣) .

وفي النظم الاجتماعية بأوروبة طبقة من عبيد الأرض تسمى في وثائق صقلية اللاتينية Villani وهي تسمية تقابل من يسمون في الوثائق العربية " رجال الجرائد " أو " أهل الجرائد " (٤) وهم في نظر القانون قسمان متمايزان: رقيق يباعون مع الأرض، ورقيق أحرار بأشخاصهم مسترقون بعملهم - وهما في نظر الواقع لا فرق بينهما، والأولون من هؤلاء أدنى الطبقات حالا باستثناء العبيد، إذ لم يكونوا مرتبطين بالأرض فحسب ل كانوا يباعون معها إذا بيعت كالدواب، وهم يقرنون في بعض القانون بالبهائم، وتعد أسمائهم مع الخيل والبغال وغيرها (٥) وكان أبناؤهم يرثون هذا الشقاء ويشقون بتلك التعاسة نفسها إذ يعتبرهم القانون عبيداً بالولادة، وعلى هؤلاء تفرض الخدمة العسكرية وواجبات الدفاع والمحافظة على قلعة السيد الإقطاعي، وإذا تزوجت من أحدهم امرأة حرة كان أبناؤها


(١) ابن جبير - الرحلة: ٣٢٢ط رايت، والمكتبة: ٨٢.
(٢) Amari؛ S.D.M. VOL. ٣، P. ٢٦٣
(٣) OP. Cit. PP. ٢٥٦ - ٢٥٧
(٤) OP. Cit. P. ٢٤٤
(٥) C. Waern؛ Med. Sic. P.٨٨

<<  <   >  >>