للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين ٣٩٠ - ٤٦٠ وهم أكثر من ذكرهم ابن القطاع في الدرة الخطيرة: عندئذ نجد ثلاثة من أبناء الطوبي واثنين من ابناء الرقباني وثلاثة من بني الشامي، كما نجد ابن الصباغ والود اني وابن الخياط وابن مكي صاحب تثقيف اللسان وسليمان الصقلي وميمونا الوراق ومحمد بن قاسم بن زيد القاضي وابن الفقيه الكلاعي وابن الكموني وأبا العرب الصقلي وابن حمديس وغيرهم كثيرين.

ويلتف الشعراء في آخر عهد الكلبيين حول أعظم شخصيتين بصقلية وهما الوالي - وكان حينئذ صمصام الدولة - وصاحب الخمس وكان يومئذ إبراهيم بن محمد الشامي (١) ومن الشعراء الصمصام: ابن الخياط وابن الرقباني والمشرف ابن رشد. ومن مداح صاحب الخمس المذكور: ابن الصباغ والمشرف بن راشد والحلواني.

فإذا تمثلنا الشعر الصقلي نامياً في تلك الفترة التي حددناها، وجدنا أن موعد إثماره إنما تم في نهاية القرن الرابع وأوائل الخامس، وكان مما ساعد على ذلك، الاستقلال السياسي والهدوء النسسبي في حياة البلاد، وتمثل صقلية للمؤثرات المشرقية، والدراسات العلمية والفلسفية بعد أن ضلت عهداً طويلاً تعيش على الفقه والحديث. ومع هذا النمو نلمح شيئاً من يقظة ابنائها على الرابطة الوطنية. فقد اتضح مع تبلور الشعر الصقلي شعور الناس " بالجزيرة " وتجسد معناها في نفوسهم. ويكفي الشاعر ان يقول " رعى الله أكناف الجزيرة " أو أن يمدح صاحب الخمس بقوله: شيخ القبيلة في الجزيرة (٢) ، فيفهم الناس ما يعني ويتمثلون لهذه الجزيرة صورة واضحة في نفوسهم، وإنما جاء ذلك الشعور من سيطرة الاستقلال والوحدة السياسية على نفوس الناس.

وبدأت الأثمار الأدبية تتكور على تلك الشجرة التي طال عليها الأجل حتى ترعرعت، وقبل أن ينضج الثمر جاء الفتح النورماني يسقطه ويبدده، وفي لحظة من لحظات الفزع، هرع الشعراء والعلماء يلوذون باذيال الفرار، ويفارقون الجزيرة كأنها لم تكن ذات يوم وطناً حبيباً.


(١) ورد اسمه في الذخيرة ٤/ ١: ٢٢٤ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم وصوابه إبراهيم بن محمد.
(٢) الذخيرة ٤/ ١: ٢٢٤ - ٢٢٨.

<<  <   >  >>