للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مجالها. وقد حفظ لنا ابن مكي في تثقيف اللسان أمثلة مما كان يغني (١) ، فمن ذلك قول قيس بن الخطيم:

أتعرف رسماً كاطراد المذاهب ... لعمرة وحشاً غير موقف راكب وقول الآخر:

ولما نزلنا طله الندى ... أنيقاً وبستاناً من النور حاليا

أجد لنا حسن المكان وطيبه ... منى فتمنينا فكنت الأمانيا وقول ابن الرومي:

أضحى ينغصنى النسيم نسيمه ... أفلا يهنيني النسيم نسيم وقول ذي الرمة:

أقامت بها حتى ذوي العود في الثرى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر وغير ذلك من أبيات لسحيم وكثير وجرير وجميل.

أما التأثر بإفريقية فربما كان يفوق التأثر بالمشرق، وفي إفريقية وضعت الأصول المشرقية وضعاً جديداً وتدارسها الناس، فكان التأثير المشرقي أيضاً يتسرب إلى صقلية من خلال المدرسة الإفريقية التي أنشأها ابن رشيق وابن شرف في النقد. فعلى أساس من كتب المشارقة في النقد ظهر كتاب العمدة والأنموذج وقراضة الذهب لابن رشيق، وأعلام الكلام وما أشبهها من الرسائل النقدية لابن شرف. وقد طمس هذان الناقد ان جهود من سبقهما ولخصا آراء النقاد الإفريقيين أنفسهم. وأصبحت النظرية النقدية التي يمثلها العمدة مطمح كل شاعر من شعراء القيروان، وكل شاعر أصبح يحاول أن يحذو حذو ابي تمام في الاستعارة، أو يكون وصافاً للخمر كأبي نواس أو يدندن بموسيقى البحتري، أو يمسك بريشة أبن المعتز في التصوير - ذلك هو مقياس الجودة في كل من القيروان وصقلية ومن أوضح الأمثلة على ذلك ابن رشيق نفسه وابن حمديس وهما أعظم شاعرين نشآ


(١) الباب الأربعون: " باب غلط أهل السماع ".

<<  <   >  >>