للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنظيم قواتها العسكرية، فأصبح لحاميتها تحت رياسة قائدها الأعلى stategos نفوذ واسع، ولكن هذه الحامية كانت غريبة تدافع عن غير وطنها، ولم يشترك فيها الشعب الصقلي، بل عاش ضحية لها أو متفرجاً يرمقها بأنظاره وحينا يصفق وحيناً آخر يلعن ويبكي، ولكنه لم يبادر إلى حمل السلاح أبداً (١) .

تلك هي حال الجزيرة بين أطماع الحكومة والكنيسة وفساد حال الجيش، ومن ثم لم يكن المجتمع الصقلي في ظل الدولة البيزنطية مجتمعاً سعيداً ناهضاً مكفول الحرية؟ كانت الجزيرة تضم خليطاً من لأجناس، أهم عناصره الإغريق والطليان، وإلى جانبهم جماعات من اليهود تميزوا منذ البدء بانكماشهم على أنفسهم، وبكره الأجناس الأخرى لهم، ولكنهم لم يكونوا كثيري العدد (٢) . وقد حاول جرجوريو أن ينصفهم ويدفع عنهم الاضطهاد. كما حاول أن يغريهم بالتنصر حين كلف وكيله في صقلية بحط الضرائب عنهم إن هم فعلوا (٣) ولما استولى أسقف بلرم على معبد اليهود وحوله إلى كنيسة، عد جرجوريو هذا العمل حيفاً، وأمر الأسقف بأن يدفع ثمن المعبد، إذ كان رده إلى حاله الأولى قد اصبح عسيراً (٤) وأضافت الحكومة إلى هذه الأجناس بعض المنفييين، إذ كانت تعتبر صقلية منفى للمذنبين والمجرمين والعساكر المتمردين.

وامتلأت الجزيرة بقطعان العبيد الذين كثروا بما انضم اليهم من أسرى ومن ملاك صغار عجزوا عن الفلاحة لما بهظتهم الضرائب، فهربوا والتمسوا لهم منازل في مزارع الأغنياء ودفعوا حرياتهم ثمناً لذلك. وبعد زمن أخذ يقل تردد اسم العبيد في سجلات الأرض ويحل محله اسم الكولونيين (٥) . ولم تحاول الكنيسة أن تصلح من حالهم بل أن جرجوريو شد وثائقهم في أملاك البابا،


(١) amari s.d.m vol، I pp. ٣٤١ - ٣٤٢
(٢) amari، s.d..m.vol، p.٣٢٤
(٣) Hodgkin's،vol، ٥ p.٣١٦
(٤) freeman: Sicily، p.٣٥١
(٥) Amari، s.d.m vol، I p. ٣٢٦

<<  <   >  >>