للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ صرفته شهوة الطموح السياسي عن أن يعمل شيئاً في سبيل أولئك التعساء حين ظن أن تحريرهم يقلل الوارد إلى خزينة البابا، ولم يكفه أنه أقر عبودية الأرض بل حرم عليهم أن يزوجوا أبناءهم من جنس آخر (١) .

وكانت الخرافات تسيطر على حياة تلك الأجناس حتى مزجها الناس بالدين، فعبدوا القديسين وأخذ البابا يخص أهل الحظوة بشيء من بقايا رفاتهم، ويرسل إلى الكنائس النائية هدايا من زيت القناديل التي تضاء عند القبور الشهداء، أو يبعث بقطن غمس في ذلك الزيت ثم حفظ في زجاجة كتب عليها اسم أحد القديسين. ويؤكد جرجوريو نفسه أن لمس هذا الزيت يفعل المعجزات. وانضاف إلى عبادة الرفات إيمان بالخرافات الشائعة وبقيام الأموات من قبورهم ورؤية الهالات المطيفة برؤس القديسين، والرؤى التي يتمثل فيها الشياطين، ومن الغريب ان نجد رجلا مثل سان جرجوريو يؤمن بهذه الأباطيل وتكشف " حوارياته " عن إيمانه بكل خرافات عصره، حتى إنه لما دشن إحدى الكنائس باسم القديسة " إغاثة " حامية قطانية من غضب بركان لأتنا، قص هنالك أنه بعد الاحتفال رأى الشيطان قد تمثل خنزيراً وأخذ يروح ويجيء بين أرجل المصلين إلى أن فسحوا له وخرج وهذه الحواريات ترجمت إلى العربية في القرن الثامن (٢) .

وفي النصف الأول من القرن الثامن أذاع ليو في الناس منشوراً يحرم به الصور في الكنائس ويأمر بإزالتها. وعارضة البابا في حركته هذه وأرسل إليه رسائل شديدة اللهجة. ولما شاء ليو أن ينتقم من البابا أرسل أسطولا إلى صقلية استولى على ما له من أملاك فيها (٣) . ثم زاد الضرائب على صقلية وقلوية، وأمر بتسجيل المواليد لكي يضمن للجزية سجلا لا يخطئ، وكانت ضربته


(١) Op. Cit، Pp.٣٢٧ - ٣٢٩
(٢) Gregorovius،Vol،I Pp. ٧٣ - ٨٠
(٣) يقدر ثيوفانس أنها كانت تدر على الكنيسة ٣.٥ تلنت (٣٥ ألف قطعة ذهبية) ولكن الأستاذ أماري يشك في صحة هذا الرقم AMARI S.D. M. VOL I P. ١٢٥

<<  <   >  >>