معروفين كبشار وابن الرومي ولا يزيد عن وصف الحديث بأنه رطب يانع أو خمر معتقة أو فاكهة رطبه.
فهل يكون شغوفاً بالرقة في الحديث لأنه يستطيع أن يسيطر على الموسيقى في الفاظه؟ استمع إليه يقول:
والحديث الذي يهزل منه ... في الهوى أريحيةٌ النشوان أو يقول:
ما ضرّ من قتهُ حديثك أنْ ... يحرم قوتاً بقية العمر
اللحظُ راحٌ واللفظُ فاكهةٌ ... والخد رامشنةٌ من الزهر فهل هذه العبارات التي تجيء فيها " يهزل "" وقته "" ورامشنة " وهل تكرير عبد السوء في قصيدة سابقة مما يدل على كلف باللفظ الجميل؟ ومع ذلك فليست كل أشعاره تسودهها هذه الظاهرة من الإهمال في الموسيقى اللفظية ولا نستطيع أن نقول إن الخشونة هي الطابع العام في شعره.
وهو في صناعته قادر على أن يخلق جواً عاماً كما رأيت في صورة السنابل وهناك قصيدة يمكن أن تتخذها مفتاحاً يقودنا إلى طريقته في تأليف الشعر وتلك القصيدة هي:
ليس إلا تنفسٌ الصعداء ... وبكائي، وما غناءُ بكائي
منْ رسولي إلى السماء يؤدي ... لي كتاباً إلى هلال السماء
كيف يرقي إلى السماء كثيفٌ ... يسلك الجسم في ريقي الهواء
عجز الإنس أن ترقى إليها ... فعسى الجن أنْ تكون شفائي
أم ترى الجن تتقى شهب الرج ... م فدعني كذا أموت بدائي ليس في هذه القطعة حلاوة موسيقية، وإنما فيها وحدة وتسلسل، فالشاعر يعلن العجز ويتنفس الصعداء لعل أنفاسه تكشف عن حاله لهلال سماوي فتن به