للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبركت الأيدي بتسوية الثرى ... على جبل راسي الأناة على هضب ولم يكن قد تجاوز الرابعة والعشرين حين غادر صقلية وذهب يصحب العرب في الصحراء الإفريقية سنة ٤٧١، ولعله في هذه الفترة من حياته اتصل بالأمير تميم ومدحه، وربما كان يشير إلى ذلك بقوله فيما بعد يخاطب الحسن بن علي (١) :

ومدحت غلاماً جد أبي؟ ... ك وها أنا ذا شيخاً يفنا ونحن نجهل كل شيء عن سبب هذه الرحلة أما ما ظنه أمارى من حادثة غرامية أخرجته عن وطنه مستمداً ذلك الظن من إحدى قصائده (٢) فقد صححه فيه البارون فون شاك إذ ليس في القصيدة المشار إليها أي تلميح إلى مثل ذلك الحادث.

وإذا صدقت الروايات فإنه في العام نفسه انتقل من إفريقية إلى الأندلس ودخلها سنة ٤٧١هـ؟ أيضاً. وفي التكملة (٣) أنه لما دخل الأندلس امتدح جماعة من ملوكها ثم صار من بعد إلى إشبيلة حيث المعتمد بن عباد، وهذا يفيد أنه مدح جماعة آخرين قبل اتصاله بالمعتمد، مع أن ديوانه يكاد يقطع بأنه قصد المعتمد دون أن يعرج على غيره. وهو يحدثنا أن المعتمد أقام مدة لا يلتفت إليه ولا يعبأ به، حتى كاد يستولي عليه اليأس وهم بالنكوص على عقبه. وهذه نقطة هامة لأنها تدلنا على أن المعتمد لم يستدعه أبا العرب وابن رشيق والحصري وغيرهم. وبينما كان اليأس قد أخذ يدب نفسه، جاءه غلام يحمل شمعاً ومركوباً ويدعوه لمقابلة المعتمد، فلما وصل إليه أجليه على مرتبة فنك، وأراه منظراً وامتحن به قدرته على إجازة الشعر ومنحه جائزة سنية والزمه خدمته (٤) .


(١) الديوان: القصيدة رقم ٣٢٠.
(٢) القصيدة رقم ٢ في الديوان.
(٣) الترجمة رقم ١٧٨٣.
(٤) انظر مقدمة القصيدة رقم ٣٤٤ في الديوان.

<<  <   >  >>