للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(هـ؟) امتحان فريق من الأقلية بالفتنة في دينه، ولجوئه أحياناً إلى تغيير دين آبائه لإخفاقه في دنياه، أو لحب غلب عليه، أو لشهوة عابرة يقضيها كالتخلص من الضريبة، أو الرفعة في المناصب، وما أشبه، ومثل هذا له نفسية خاصة أبرز ما فيها القلق.

(و) الفوضى في حياة الأسرة وخروج الابن عن طاعة أبويه، وثورة البنت على أهلها، وانحلال الأب والزوج لوجود ملجأ يعوذ به الحانق ويتخلص به مما يعتقده ظلماً واستبدادا، وغلبة المداراة أو النفاق الاجتماعي لا في السوق والمكتب والديوان فحسب، بل في البيت وبين أفراد السرة الواحد.

ونسرف إن قلنا إن المسلمين كانوا غالباً يعرفون الرضى عن حالتهم في صقلية ويدينون بالقناعة فيما صاروا إليه - كانوا يخافتون في تذمرهم ويهمسون فيما بينهم وبين أنفسهم بالشكوى، فإذا وجدوا رجلا كابن جبير يحدثونه بمخاوفهم وآلامهم نفضوا بين يديه كل ما كان خافياً، ولدينا قطعة نثرية فيها هذا التذمر والقلق، ويقول فيها كاتبها بعد إعلان الشوق لصديقه: " لكني إذا رجعت إلى شاعد العقل، وعدلت إلى طريق العدل يمازج قلبي سروراً، ويخالط شوقي بهجه وحبوراً، بما ألهمك إليه من صفاء النية والإخلاص والظفر بأمل النجاة والخلاص، فأتلو عند ذلك " يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً " ثم أرجع إلى قول صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن " فاعلم أن الأمور كلها مقدورة وأنها في اللوح مسطورة، فأفزع إلى الدعاء لمقدر الأمور الذي يعلم خائنه الأعين وما تخفي الصدور، أن يحسن لنا العقبى، ويقضي لنا بالحسنى، ويسبل علينا من العافية ستراً سابغا ضافياً، ويوردنا من السلامة مورداً سائغاً صافياً " (١) .

وقد صور الشعر هذه الحياة للجماعة الإسلامية إذ نجد صوراً من الغضب والرضى والتعاطف فهناك من يسعى بين اثنين - فقيهين - فيتعاتبان بشدة


(١) الخريدة ١١ الورقة ١٩ انظر الترجمة رقم ١١ من مجموعة الشعر.

<<  <   >  >>