جوانبه، ويضفي على الصورة زيادات تزيدها افتعالاً، ولا شك في أن أبا الضوء حين جعل صهيل الخيل حنيناً كان ألطف طبعاً من محمد بن عيسى الذي أخرج الخيل عن طورها حتى قطعت الشكائم ونحل جسمها وبانت عظامها وأدركها الهزال والإعياء. فلما لم يكن أبو الضوء في حاجة إلى سند من شعور عميق في هذا المعنى استطاع أن يجلوه خيراً من ابن عيسى.
ثم راح أبو الضوء يصور هول ذلك اليوم وأنه تشيب فيه الولدان ويشبهه بيوم الحشر وقد اجتمع فيه الرجال والنساء حتى ضاقت بهم الأرض، ولحظ لبسهم للسواد فشبههم بالأغربة، بعد أن كانوا في ثياب اللهو كالحمائم:
كأن منادي البعث قام منادياُ ... لحشر فهب الخلق طرا كما كانوا
وقد ضاق رحب الأرض بالخلق فالتقت ... جموعهمُ مرجاً رجالٌ ونسوان
وكانوا بلبس اللهو حمائماً ... فعادوا وهم في ملبس الحزن غربان وهذه المعاني مفرقة عند ابن عيسى في غير قصيدة. ففي معنى يوم القيامة يقول:
شهدنا على قرب بمشهد موته ... مشاهد لم تخط القيامة والعرضا وفي لبس السواد:
سعوا مشاة وهم في الزي أغربة ... مسودة من وراء النعش تتبع وانفرد ابن عيسى بمعان لم يكن أبو الضوء يستطيع أن يقترب منها وهي أمور إسلامية كذكر العيد وحال السرور فيه، وكيف منعت الوفاة الناس من ورود المصلى ضحى، والتعزي بالرسول والصحابة، والتحدث عن الملائكة التي جاءت لترفع الميت إلى السماء. أبو الضوء إنما يحشد المبالغات حشداً لأن المضطرب الذي يهوى فيه محدود، وربما لم يساعده كثيراً في الرثاء أنه ليس من الشعراء الذين يجدون العزاء في مظاهر كونية حتى يلجأ إلى الحكمة والتفلسف في