للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يلقب بالقائد، وينافس في الزعامة مسلماً آخر، ويحرض المسلمين على أسطفان، وأنه كان من الأغنياء ذوي الإقطاعات الواسعة، وقد رأى ابن جبير له ولإخوته وأهل بيته في بلرم قصوراً مشيدة أنيقة، وكان ذا أطماع بعيدة، يحلم بعودة الجزيرة إلى حوزة المسلمين، ويعمل لذلك، ويعمل لذلك، حتى ليقول الهروي إنه اجتمع به في صقلية فأعطاه أبو القاسم كتاباً إلى السلطان يحثه فيه على أخذ الجزيرة (١) . ولعل هذا التدبير قد استغله أعداؤه فوشوا به إلى الملك، فغضب عليه وصادر أمواله حتى أغرمه ما يزيد على ثلاثين ألف دينار مؤمنية، وتخلى عن جميع دياره وأملاكه الموروثة عن سلفه، حتى بقي دون مال (٢) ولما زار ابن جبير صقلية كان غليالم قد رضى عنه، وأخذ ينفذه في بعض أشغاله السلطانية " نفوذ المملوك المغلوب على نفسه وماله " (٣) .

ولما نزل ابن قلاقس في ساحته كان لا يزال على حالته الأولى من الرفعة والغنى، فمدحه بقصائد كثيرة، وألف له كتاب " الزهر الباسم في أوصاف أبي القاسم " والكتاب كما تصوره القطعة التي اقتبسها العماد في خريدته لا يعدو أن يكون في مقدمته وصفاً للرحلة التي قام بها الشاعر حتى بلغ إلى ممدوحه، ثم المدائح التي قالها فيه وفي أبنائه، ثم وصف لبعض المجالس التي استدعت قول الشعر.

ولكن ما هو المنصب الذي يحتله أبو القاسم بدقة؟ إذا اعتمدنا على الزهر الباسم نثره وشعره، سمعنا ابن قلاقس يصفه بالبلاغة ويقول: إن " ألبس قلمه المداد عرى من الفصاحة قس إياد، وأنطلق طرسه الرسائل أخرس عن الخطابة سحبان وائل، يلزم لديه ابن العميد سمت العبيد، ويغدو عليه عبد الحميد غير حميد، يقول له الصاحب أنا عبد لا صاحب، ونهاية الصبابي أنه بألفاظه صابي،


(١) الهروي - الإشارات إلى معرفة الزيارات، المكتبة الملحق الثاني: ٢.
(٢) ابن جبير - والمكتبة: ١٠٢.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <   >  >>