أبي الحسن علي بن أبي الفتح بن خلف الأموي الصقلي، لما قرر الرحلة عنها.
وقمت لي من جفاءٍ في صقلية ... بلطف مصرَ عليه ظرفُ بغداد
إن كان طبعك من ماء ورقته ... فإن ذلك [..] بين الفولاذ ويقول له في قطعة أخرى:
تخذتك من صقلية خليلاً ... فكنت الوردُ يقطف من قتاد
وسمتك بين أهليها صفيا ... فكنت الجمر يقبسُ من زناد فلم استحقت منه صقلية هذا الذم؟ لم وجدها قتاداً وزناداً صلداً وفولاذاً صلباً ووصفها بالجفاء ونفي عنها الرقة؟ علينا أن لا نثق كثيراً بأحكام أولئك الغرباء الذين كانت تتغير عليهم البيئة، وخاصة إن كان ذلك متصلا بعاطفتهم، وما نظن أن الشاعر يصدق صدقاً - موضوعيا - حين يمدح أو يهجو إلا قليلا، زد على ذلك أن ابن قلاقس عاش في صقلية تلك المدة محكوماً بالحنين إلى وكنه يحلم بالعودة.
ولما قرر أن يعود كان الفصل شتاء، فهبت ريح ردتهُ من عرض البحر إلى صقلية فكتب إلى أبي القاسم يقول (١) :
منع الشتاءُ من الوصو ... ل مع الرسول إلى دياري
فأعادني وعلى اختيا ... ري جاءَ من غير اختيار
ولربما وقع الحما ... رُ وكان من غرض المكاري وحين نزل في ميناء الإسكندرية خرج اصدقاؤه للسلام عليه، ولكنه لم يستقر غلا ريثما يعد نفسه لرحلة جديدة.