للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه كل منحرف عن بني الطبري. ورأى أهل المدينة بشائر عدله حين قتل غلاماً له اتهم بالتعدي على أهل البلد (١) فتأكدوا أن هذا الوالي يختلف عمن سبقوه، واستبشروا به. ولما ثبتت قدمه في المدينة قبض على أهل الفتنة وصادر أموالهم (٢) .

وظل الحسن في صقلية خمس سنين. ولما توفي حزن عليه أهل صقلية حزناً عظيماً لما كان قد أجرى الله على يديه من العدل وظهور الخير (٣) .

وتعاقب على صقلية من الكلبيين عشرة ولاة في مدة خمس وتسعين سنة شهدت في أثنائها تقدماً في الحياة العمرانية وفي العلوم والأداب، كما شهدت جهادهم المستمر في جنوب إيطاليا وفي مقاومة أطماع الروم في الجزيرة. وأخلدت صقلية إلى الهدوء وجنت من ذلك خير الثمار. وكان من أسباب هذا الهدوء انشغال الجند في اكثر الأوقات بالحروب في جنوبي إيطاليا، وإخلاص الكلبيين في الدفاع عن صقلية، واعتبار أنفسهم مستقلين استقلالا داخلياً في شؤون الجزيرة. وقد استطاعوا منذ البدء أن يرضوا الطامعين المحليين ففي سنة ٣٤٧ سار احمد بن الحسن الكلبي ثاني ولاة الجزيرة من أسرة بني أبي الحسين ومعه ثلاثون رجلا من وجوه الجزيرة إلى المعز بأفريقية فبايعوه وخلع عليهم المعز (٤) وفي نسخة كمبردج العربية من تاريخ صقلية أن الذي ذهب بهم إلى إفريقية هو الحسن الوالي الأول (سنة ٣٤٦٩ ٩٦١م) وينص هناك صراحة على أنه أدخلهم في مذهب أمير المؤمنين وكثر مقتناهم وأفضلهم (٥) .

ومعنى ذلك أن العناصر القلقة التي كانت تطلب لنفسها الزعامة قد أرضيت بالمال والتقرب من الخليفة، وأن الوجوه دخلوا في المذهب الشيعي ولا


(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر نفسه والمكتبة: ٥٩.
(٣) centenario المجلد الثاني: ٤٧٧ عن أعمال الأعلام. والأخبار عن وفاة الحسن فيها شيء من الاضطراب فأكثر المصادر أنه هاجر من صقلية وعند ابن خلدون أنه توفي من شدة فرحه عند ما جاءته الأخبار بانتصار المسلمين على الروم.
(٤) أبو الفداء، حوادث سنة ٣٣٦، ٢/٩٦ والمكتبة: ٤٠٨.
(٥) تاريخ جزيرة صقلية لمؤلف مجهول، نسخة كمبردج العربية، في المكتبة الصقلية:١٧٥.

<<  <   >  >>