للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ندري بعد هذا الخير كيف كان حال التشيع في الطبقات الأخرى. وابن حوقل وهو داعية من دعاة الفاطميين ينحى بالذم الشديد على الصقليين لكثرة ثورتهم على السلطان، فهل يفهم من هذا أن طبقات الشعب كانت تكره الخلافة الفاطمية؟.

واستدعى المعز الأمير أحمد ففارق صقلية بجميع أهله وماله وأولاده وأخوته فركبوا في ثلاثين مركباً ولم يبق منهم بصقلية أحد (١) ، وولى الجزيرة يعيش المولى ففشل في تهدئة فتنة ثارت بين كتامة والقبائل (٢) . وتطاول أهل الشر من كل ناحية ونهبوا وأفسدوا على أهل المراعي، واستطالوا على أهل القلاع الآمنة (٣) .

فأعيد الأمر إلى واحد من الكلبيين وتولى أبو القاسم الحكم سنة ٣٥٩هـ؟. وأبو القاسم هو الملقب بالشهيد لأنه استشهد في غزاته الخامسة بجنوب إيطاليا سنة ٣٧٢ هـ. وكان حسن السيرة فاضلا محبا للعلماء والصالحين (٤) .

ولعل الجزيرة لم تشهد عهداً كعهد الأمير أبي الفتح يوسف الملقب بثقة الدولة (٣٧٩ - ٣٨٨) فقد عهد أليه أبوه بولاية صقلية وأتاه سجل من العزيز من مصر بذلك، فضبط الجزيرة وأحسن إلى الرعايا (٥) وأسى بجلائله وفضائله كل من كان قبله نم بني أبي الحسين (٦) . وكانت أيام الناس بصقلية الناس بصقلية في مدته على أفضل ما يشتهون. وقد ضبط البلد ضبطاً عظيماً وأداخ الروم واستقامت له الأمور، وظهر من كرمه وجوده على سائر الناس ما لا يحيط به وصف (٧) . وكان بلاطه في بلرم مقصد العلماء والأدباء وظل قائماً بالأمر خير قيام حتى أصابه فالج عطل نصفه الأيسر فتنازل لابنه جعفر.


(١) النويري في المكتبة:٤٤١.
(٢) ابن خلدون ٤/ ٢٠٩ والمكتبة: ٤٨٢.
(٣) ابن الأثير ٨/ ٢٠١ والمكتبة: ٢٦٧.
(٤) centenario ٢/ ٤٧٧.
(٥) النويري، المكتبة: ٤٤٢.
(٦) ابن خلدون ٤/ ٢١٠ والمكتبة: ٤٨٣.
(٧) centenario ٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠.

<<  <   >  >>