للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأول وهن حدث في حكم الكلبيين اختلاف أفراد منهم فيما بينهم على الإمارة فقد ثار على جعفر الملقب بتاج الدولة أخوة على، واستفاد من الخلاف العنصري في الجزيرة فاستمال إليه البربر والعبيد، وقام بين الأخوين قتال مرير راح فيه كثير من مشايعي علي، وأسر علي نفسه فقتله أخوه ونفي من بالجزيرة من البربر بأسرهم، فلم يبق منهم أحد وأمر بقتل العبيد فقتلوا عن آخرهم.

وكان انتصار جعفر فاتحة خذلان جديد فإنه حين قضي على البربر والعبيد لتخذ جنده من أهل صقلية، فطعموا فيه وزادهم تمادياً تغاضيه عن كتابه حسن بن الباغاني الذي صادر الناس وعاملهم بسوء واستحدث بدعاً في جباية الضرائب (١) وتنكرت قلوبهم له حين استخف بأهل صقلية وشيوخ بلادها واستطال عليهم (٢) فخرجوا عليه وحاصروه وعندئذ خرج إليهم أبوه في محفة وكانت له منزلة في نفوسهم، فلما رأوه هدأت ثائرتهم وطلبوا إليه أن ينصفهم من ابنه، فوعدهم بنزعة من ولايته فوقع اختيارهم على الأكحل أخيه.

وبر يوسف بما وعد فارتحل مع ابنه جعفر إلى مصر، وترك صقلية في يد الأكحل. وتسلم الصقليون حسن الباغاني فقتلوه وطافوا برأسه وأحرقوه بالنار (٣) . وهدأت نفوسهم الحاقدة لما رأوا الأكحل يأخذ الأمور بجد وحزم. وكان إذا خرج في الغزو استخلف ابنه جعفراً فحاول جعفر أن يوقع التفرقة بين العناصر ونجح في فصل الصقليين عن الإفريقيين والتمييز بينهما في المعاملة فحمى الأفريقيين وأخذ يتقاضى الخراج عن أملاك الصقليين وحدهم (٤) ، وعندئذ لم يعد الصقليون يطيقون تلك الحال، وذهبوا إلى المعز بن باديس سنة ٤٣٧هـ؟ يطلبون مساعدته وإلا سلموا الجزيرة إلى الروم (٥) .


(١) النويري، المكتبة: ٤٤٣.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه: ٤٤٤.
(٤) انظر تفصيل ذلك في المكتبة: ٤٤٤ - ٤٤٥ عن النويري.
(٥) النويري، المكتبة: ٤٤٥.

<<  <   >  >>