للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن زيادة الله بن إبراهيم الذي فتحت صقلية في زمنه ولى على صقلية ابن أخيه أبا الأغلب قطعية له؟ فكانت له بجميع ما فيها؟ وركب إليها من سوسة في مراكب كثيرة ومعه خيل ورجال أتوا من نواحي أفريقية لما يعلمون من كرمه وجوده (١) . ونستطيع أن نتصور من حال زيادة الله نفسه أن نتصور من حال زيادة الله نفسه أن والي صقلية ربما قلده في اتخاذ مجلس استشاري من حوله، وهو الذي كان يسمى في القيروان " الجماعة " ولذلك نسمع في تاريخ صقلية دائماً عن شيوخ المدينة (بلرم) . ولا نظن أن هؤلاء كانوا مجرد زعماء وإنما المعتقد أنهم كانوا يزاولون بعض السلطان إلى جانب الوالي. وكان لا بد من وجود هذه الصبغة الإدارية في الجماعة لأن والي صقلية في ايام بني الأغلب لم يكن يزيد على قائد عارف بفنون القتال، مستعد للغزو والجهاد، وكثيراً ما كان الجيش ينتخب الوالي دون أن ينتظر مجيء وال جديد من أفريقية. على أنه لا بد أن نلحظ أنه ليس من الواضح لدينا إن كان الذي يولي الوالي هو الجيش أو شيوخ البلد أو الفريقان معاً، ولا نسمع عن وال في العهد الأغلبي لم يكن يخرج في الغزو إلا عن الأمير محمد ابن عبد الله بن الأغلب فانه كان مقيما ببلرم لم يخرج منها وإنما كان يخرج الجيوش والسرايا فتفتح وتغنم. وتحدثنا المصادر أن العباس بن الفضل لما وقع عليه الاختيار اخذ يبث السرايا وهو مقيم في بلرم، فلما جاءه التصديق على ولايته من أفريقية قاد الجيش بنفسه. وربما أشار هذا إلى ان قيادة الجيش كانت هي الصفة الأولى التي تفترض حكومة القيروان توفرها في الوالي. وكان اكثر الولاة في الدولة الأغلبية من أسرة بني الأغلب أو من أقربائهم. وليس بين أيدينا مادة تصور شخصيات الولاة أو تميزهم سوى كثرة الحرص على الجهاد والغزو، إلا ما كان من أمر أبي مضر زيادة الله فإنه كان في أثناء ولايته على صقلية عاكفاً على اللهو وشرب الخمر ولم يرض هذا أباه فعزله. وقد رأى الراهب ثيودوسيوس والي بلرم؟ وهو يومئذ جعفر بن محمد؟ ووصفه بأنه


(١) centenario ٢/ ٤٧٢.

<<  <   >  >>