للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متكبر متجبر، واستدل على ذلك من جلوسه وراء حجاب. ولم يكن الوالي يستند إلى حرس خاص ولذلك نسمع عن وثوب أهل صقلية به وعزله أو إخراجه من بينهم.

وكان الوالي يسكن القصر في بلرم ويودع فيه المال والسلاح والكساء (١) ومن قصره ذاك كان يشرف على النواحي المدينة وكان له أن يعين من قبله ولاة على المدن يخضعون له مباشرة.

وظل الحال كذلك في أيام الكلبيين إلا أن الاستقرار وخضوع أكثر أجزاء الجزيرة للمسلمين مكن الوالي من توسيع سلطانه الإداري والاهتمام به. ومنذ ان بنى خليل بن إسحاق الخالصة أصبحت هي مركز الوالي بدلا من القصر القديم، ومن حوله الخالصة. وأصبح كل وال بعد ابن قرهب يتمتع بحماية حرس غريب عن الجزيرة. فلم يعد في إمكان أهل صقلية أن يطردوه بسرعة، إذ صار في إمكانه أن يتحصن منهم ويقاتلهم في مدينتهم. ومحك الخبرة عنده أن يتمكن من إقرار التوازن بين العناصر فلا يتظاهر بتفضيل عنصر على آخر وأن لا يمس المسائل المالية بتغيير يضر بصالح الاهالي. إلا أن بعض الولاة كان يطلق يد أعوانه في صقلية فيستبيحون لأنفسهم الغلو في تقاضي الأموال. وارتبطت صقلية في أيام الكلبيين بالخلافة الفاطمية في افريقية وأصبح يدعى على منابرها للخليفة الفاطمي (٢) وبذلك أصبح الوالي الصقلي ممثلا للخليفة ثم انتقل الفاطميون إلى مصر، ولا شك أنه كان في جيش جوهر الصقلي كثير من الصقليين، فالعناصر الصقلي في جيش العبيديين وأساطيلهم أقدم من ذلك ومنذ سنة ٣٠٧ هـ نجد أسرى صقليين في مصر، وقد من عليهم حاكمها بالإطلاق بعد تغلبه على جيش أخرجه صاحب أفريقية لقتاله (٣) . وبارتباط صقلية


(١) انظر centenario ٢/ ٤٧٦.
(٢) هذا هو الشيء الطبيعي والنص صريح في مسالك الأبصار ج٣ المجلد الأول الورقة ١٢٨ بأنه خطب لهم بجزيرة صقلية.
(٣) الكندي: الولاة والقضاة: ٢٧٦ نشر جست.

<<  <   >  >>