للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مازر، وكانت جرجنت عاصمة للجماعات البربرية، وأسماء الأماكن الواقعة بين مازر ولقاطة تدل على القبائل البربرية فهناك اندراني، وقرقود ومزيزينو وحجر الزناتي ومليلي وكلها أسماء أماكن تشير إلى القبائل البربرية، إنداره ومزيزة وزناته، ومليلة، وفي أيام الفاطميين امتازت كتامة ودخلت مع خليل ابن إسحاق إلى صقلية، وغير هذه القبائل قبائل بربرية أخرى كثيرة.

وكانت هذه العناصر تتحرك بالفتن فيما بينها حتى انصبغت الثورات أيام الأغالبة بمظهرين: ثورات بين شيوخ المدينة وبين الأغالبة والدافع إليها التنافس على انتخاب الوالي، وثورات بين العرب والبربر، ويمكن أن يقال إن البربر الذين منحوا الإقطاعات أجوراً لهم هم الذين اشتهروا بخلع الطاعة لأنهم لم يكونوا يطيقون الإخلاد إلى حياة الزراعة وإنما كانوا يفضلون أخذ الفيء أجوراً لهم (١) أما العرب فبرزوا أيام الكلبيين وخاصة اليمينية منهم، ولكنا لا نسمع لهم بعصبية ظاهرة إلا أيام ابن قرهب، ولا نجد لحسن الحظ خلافاً بينهم على أصول القيسية واليمينية لأن القيسية فيما يظهر كانوا قليلي العدد. وحيناً كان العرب والبربر يتحدون تحت اسم الأفريقيين ويواجهون الصقليين، ولما دخلت كتامة أرض الجزيرة. وأصبحت مستند الوالي خفت صوت الصقليين لضعفهم النسبي إزاء العناصر الأخرى. ثم كانت فتنة صقلية الأخيرة عودة لسيادة العناصر الصقلية بعد قتل العبيد ونفي البربر.

ولما وقعت الهدنة بين الخليفة المعز والإمبراطور البيزنطي كتب المعز إلى والي صقلية؟ الأمير أحمد؟ يعرفه بالصلح ويأمره ببناء أسوار المدينة وتحصينها ويعلمه أن البناء اليوم خير من غد، وأن يبني في كل إقليم من أقاليم الجزيرة مدينة حصينة وجامعاً ومنبراً، وأن يأذن أهل كل إقليم بسكنى مدينتهم، ولا يتركوا متفرقين في القرى، فسارع الأمير أحمد إلى ذلك وشرع في بناء سور المدينة وبعث إلى جميع الجزيرة مشايخ ليقفوا على العمارة (٢) . وينفرد


(١) انظر تاريخ اماري (S. D. M.) المجلد الثاني من ٤٩ - ٥٥ والتعليقات في ٥٣ - ٥٥.
(٢) النويري المكتبة:٤٤١.

<<  <   >  >>