للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النويري بهذا الخبر الطريف وحديثه عن سور بلرم يوافق قول ابن حوقل بأن سور بلرم من حجارة مانع شامخ، ويتفق مع الإصلاحات التي ينسبها الرحالة للأمير أحمد في أبواب المدينة (١) . أما البقية الخبر فلا نستطيع أن نفهمه إلا بنوع من التأويل. ويرى الأستاذ أماري أن " أهل كل إقليم " ليس من الضروري أن تعنى كل السكان مسيحيين كانوا أو مسلمين، أحراراً أو ذميين أو عبيداً، نبلاء أو وضعاء، بل ليس من الضروري أن تعنى كل المسلمين ويستنتج أن الإقليم في الاصطلاح يعنى منطقة عسكرية، وأن أهل الإقليم ندل على الجند وحدهم. ويفترض أماري أن الوالي كان يقسم على الجنود؟ وخاصة في ولاية دمنش؟ إقطاعات بدلا من النقد فأصبح الجند مشتتين في القرى يفلحون أرضهم، وانتشر على آثارهم جامعو الضرائب، وكان هذا سبباً في الفوضى وفي وقوع الحيف على الذميين (٢) وكان من ذلك صدور الأمر من المعز إلى الأمير أحمد.

أما الجامع والمنبر فقد كانا تأييداً للخليفة في كل مدينة بالجزيرة وتثبيتا للدعاء له. وأضاف المعز إلى هذه السياسة من تألف الصقليين ما أنفقه على أهلها سنة ٣٥١ هـ في إعذار بعض الأمراء من بنيه وقد حمل في هذه المناسبة إلى صقلية سوى الخلع والثياب خمسون حملا من الدنانير، كل حمل عشرة آلاف دينار. وختن من أهل صقلية وحدها خمسة عشر ألف صبي (٣) ولم يعف أولاد المليين والذميين من الختان. وهذا الرقم لا يستطيع أن يدل على نسبة معينة في سكان الجزيرة، ويقدر ابن حوقل عدد سكان بلرم بثلثمائة ألف نفس. ولا شك أن خليل بن إسحاق أهلك بأعماله الحربية ثلث سكان ولاية مازر الإسلامية. ولعل عدد سكانها سنة ٩٣٨ م مع بلرم كان مليوني نسمة، المسلمون منهم أقل من النصف (٤) . وأكثر السكان الصقليين القدماء


(١) ابن حوقل ١/ ١٢٢ والمكتبة ص٤، ٧، ٨.
(٢) انظر توضيح هذه النقطة في تاريخ اماري المجلد الثاني ص ٣١٤ - ٣١٧.
(٣) المقريزي،اتعاظ الحنفا:١٣٦ نشر الدكتور الشيال.
(٤) Amari: S. D. M. vol. ٢،pp. ٢٥١ - ٦٢.

<<  <   >  >>