للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان من المقاومة العنيفة التي واجه بها المالكية بني عبيد، ثم اخفق ثورة أبي يزيد مخلد بن كيداد التي كانت تعبيراً عن نقمة الفقهاء المالكيين على العبيدين؟ كان من ذلك ان هاجر كثير من الإفريقيين إلى صقلية لينجوا بأنفسهم من الاضطهاد المذهبي.

غير ان بلاط صقلية؟ وصاحبة فاطمي الهوى؟ كان يؤوى الفقهاء الذين يميلون إلى بني عبيد أو الذين لا يقفون منهم موقف المتشددين، لأن من كان متساهلا من الفقهاء في نظرته إلى العبيديين، لم يكن يقدره علماء القيروان المتشددون؟ كرهوا أبا إسحاق التونسي لأنه لم يفت بكفر من يقول بتفضيل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة (١) ، وكرهوا البرادعي (خلف بن أبي القاسم الأزدي) لأنه كان يصحب سلاطين القيروان ولأنه؟ فيما يقال؟ تمثل في بعض كتبه مشيراً إلى العبيديين:

أولئك قوم إن بنوا احسنوا البنا ... وإن وعدوا أوفوا وان عقدوا شدوا فأفتوا بطرح كتبه (٢) فلما نبت به القيروان خرج إلى صقلية وقصد أميرها فحصلت له عنده مكانة؟ وهذا دليل على ترحيب البلاط الصقلي بمن كان يسالم المذهب والسياسة الفاطمية؟ وفي صقلية ألف البرادعي كتبه مثل كتاب التهذيب في اختصار المدونة وغيره. وطارت كتبه بصقلية حتى لقد قيل ان المناظرة في جميع بلدانها كانت بكتابة المسمى بالتهذيب (٣) . وواضح من مقدمة هذا الكتاب انه ألفه تسهيلا على الطلبة في دروس الفقه إذ يقول هنالك: " هذا كتاب قصدت فيه إلى تهذيب مسائل المدونة والمختلطة خاصة دون غيرها، إذ هي أشرف ما ألف في الفقه من الدواوين، واعتمدت فيها على الإيجاز والاختصار، دون البسط والانتشار، ليكون ذلك ادعى لنشاط الدارس،


(١) القاضي عياض، ترتيب المدارك ٢/ ١٥١.
(٢) ابن فرحون، الديباج المذهب: ١١٢.
(٣) المصدر السابق (الديباج) .

<<  <   >  >>