للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطور أمر هذا اللحن وتعدى دائرة الحديث اليومي ودروش الوعظ وخطبة الجمعة، وامتد إلى الكتابة والتدوين، واصبح التصحيف في (المشهور من الحديث النبي صلي الله عليه وسلم، واللحن في الواضح المتداول منه، وتعمد الوقف في مواضع لا يجوز الوقوف عليها من كتاب الله عز وجل وتغيير أشعار العرب وتصحيفها، وتصنيف كتب الفقه وغيرها، ملحونة تقرأ كذلك فلا يؤبه إلى لحنها، ولا يفطن إلى غلطها " (١) . وقد ذكر لنا صاحب تثقيف اللسان أمثلة من أغلاط سمعها أو قراها قال " ولقد وقفت على كتاب بخط رجل من خاصة الناس وأفاضلهم يقول احب أن تشهد لي في كذا وكذا بالشين يريد تجتهد، ورأيت في آخر أكبر منه أعلى منزلة بيت شعر على ظهر كتاب وهو قول الشاعر:

زوامل للأسفار لا علم عندهم ... بجيدها إلا كعلم الأباعر كتبه للأصفار بالصاد. . وكتب إلى آخر من أهل العلم رقعة فيها " وقد عزمت على الإتيان إليك " بزيادة ياء. وشهدت يوماً رجلا قبله تخصص وفقه وحفظ للأخبار والأشعار، وقد سمع كلاماً فيه ذكر الشدق فلما سمعه بالدال غير معجمة أنكر وتعجب من أن يجوز ذلك؟ وليس يجوز سواه (٢) . ويتضح في كتاب ابن مكي هذا ان صقلية كانت إلى عصره قد انفردت بلهجة ميزتها عن المشرق والأندلس، قال: " ألا ترى أن أهل المشرق يقولون النسيان وآمين عند الدعاء بالتشديد وأخذت للأمر هبته، وليس في بلدنا أحد يقول إلا النسيان وآمين بالتخفيف وأخذت للأمر اهبته، ومثل ذلك كثير مما ذكره علماؤهم وأخذوه عليهم وقد يغلطون فيما لا يلفظ به أهل بلدنا، ولا سمعوا به قط، مثل قولهم فاقرة في الفاقورة وعنب ملا حي وهو مخفف اللام وقارورة في القاريه وتوقر وتحمد في توقر وتحمد، في أشباه لذلك كثيرة


(١) ابن مكي: الورقة الثانية.
(٢) ابن مكي: الورقة ٢ - ٣.

<<  <   >  >>