للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان المستمر للارتباط بعقيدة ما من أجل إشباع الحاجة النفسية للعقيدة.

والعقيدة عامل ضابط Controling Factor في حياة الفرد وسلوكه، وكلما ازداد يقين الفرد بعقيدة معينة، زاد التزامه فكريًّا وسلوكيًّا بمقتضياتها. ونلاحظ صدق هذه الفكرة واضحًا في إقدام أصحاب العقيدة إلى التضحية بأنفسهم في سبيل عقيدتهم -سواء أكانت عقيدة صحيحة أم فاسدة- ومن نماذج التضحية بالنفس في سبيل العقيدة الصحيحة: إقدام المسلم على الاستشهاد في سبيل الله واستعذابه للموت دفاعًا عن دينه. ومن أبرز نماذج التضحية بالنفس في سبيل العقائد الزائفة: إقدام بعض فرق البوذية في جنوب شرق آسيا على الانتحار الجماعي بالحرق، تنفيذًا لبعض تعاليم البوذية.

وإذا كانت العقيدة تسهم في صياغة الشخصية المتماسكة، فإنها تسهم كذلك في تحقيق تماسك الجماعة Group Cohesion وتحقيق التكامل الاجتماعي Social Integration على مستوى المجتمع كله، لما تحققه من الشعور بالترابط والتقارب والإلفة والقوة بين أبناء العقيدة الواحدة؛ نتيجة لوحدة المنطلق ووحدة الهدف.

والعقيدة في نظر الإسلام هي الجانب النظري الذي يطلب إلى المسلم الإيمان به أولًا وقبل كل شيء إيمانا لا يرقى إليه شك، ولا تؤثر فيه شبهة. ومن طبيعتها: تضافر النصوص الواضحة على تقريرها، وإجماع المسلمين عليها من يوم أن ابتدأت الدعوة، مع ما حدث بينهم من اختلاف بعد ذلك فيما وراءها، وهي دعوة كل الرسل السابقين كما أخبرنا القرآن الكريم نفسه٥:

- {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة - ١٣٦] .

ويشير المدلول اللغوي لكلمة -عقيدة- إلى ما انعقد عليه القلب وتمسك به وصعب تغييره، سواء نتيجة لوهم زائف أو نتيجة لدليل صادق. كذلك يصح استخدام -عقيدة- لغويًّا بمعنى الاقتناء حيث يقال: "اعتقد ضيعة أو مالًا" أي:

<<  <   >  >>