اقتناهما٦. ويعرف علماء الكلام العقيدة بأنها "الإيمان المطابق للواقع الثابت بدليل أو الإدراك المطابق للواقع الناشئ عن دليل". وواضح هنا الفرق بين هذا التعريف للعقيدة عند علماء الكلام، وتعريف بعض علماء الغرب -مثل بين هذا التعريف للعقيدة عند علماء الكلام، وتعريف بعض علماء العرب- مثل "لوبون" - فهذا التعريف الذي أورده علماء الكلام لا ينطبق إلا على الإسلام -وهو العقيدة الصحيحة- ولا ينطبق على الاعتقادات المخالفة للإسلام؛ لأنه ينقصها الدليل، ولا تطابق الواقع. وقد اختلف العلماء عند بحث قضية التقليد في الاعتقاد، فمنهم من أوجب التقليد حتى لا يكون البحث العقلي مؤديًا إلى الضلال. لكن القرآن الكريم نفسه ينعي على المقلدين تقليدهم، ويدعو إلى إعمال العقل والنظر في الآفاق وفي النفس؛ حتى يتبين للناس أن الله هو الحق، لكن القرآن الكريم يطالب المؤمن أن يكون على يقين بالغيب. ولا يناقش بعض الأمور التي تتجاوز عقله المحدود ويختص بها سبحانه فقط، كالروح مثلًا، وذات الله ... إلخ. ومن العلماء من أجاز التقليد وأجاز البحث عن الدليل، طالما أن الغاية الأساسية هي الوصول إلى الإيمان الصحيح والقناعة العقلية والوجدانية. فلو وصل الإنسان إلى هذه الغاية عن طريق التقليد جاز ذلك، ولو أراد النظر والبحث جاز ذلك لحصول المقصود في كلتا الحالتين. قال الإمام الغزالي٧: "إن الإيمان نور يقذفه الله تعالى في قلب عبده عطية وهدية من عنده، تارة بتنبيه في الباطن لا يمكن التعبير عنه، وتارة بسبب رؤيا في المنام، وتارة بسبب مشاهدة حال رجل متدين وسراية نوره إليه عند صحبته ومجالسته، وتارة بقرينة حال....
والحق الصريح أن كل من اعتقد فيما جاء به عليه الصلاة والسلام، اشتمل عليه المستمد من الدليل الكلامي ضعيف جدًّا مشرف على الزوال بأقل شبهة، والإيمان الراسخ إيمان العوام الحاصل على قلوبهم في الصبا بتواتر السماع، أو الحاصل بعد البلوغ بقرائن أحوال لا يمكن التعبير عنها.
وهناك من علماء المسلمين من أجاز التقليد وأوجب إعمال العقل، حيث يجب على من كان من أهل النظر القادرين أن يعمل نظره، وحجتهم أن النظر