للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استأصلها الإسلام الشرك والاجتماع حول الأوثان والتوسل إليها ووأد البنات والكذب والغيبة والنميمة والتكبر....إلخ.

أما بالنسبة لبعض العادات الاجتماعية التي تحتمل التأجيل في اقتلاعها، والتي تمارس بشكل جماعي وتتمكن من نفوس الناس، ولا تتصل بالأساس الأول للإيمان وإن كانت ترتبط به بشكل وثيق مثل شرب الخمر والزنا والربا والرق، فقد لجأ الإسلام في علاج كل منها إلى التدرج على مراحل ودرجات، أو أخر تحريمها حتى اكتمل نمو المجتمع المسلم ونضج.

فالخمر جاءت أو إشارة لتحريمه في قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} [النحل: ٦٧] ففصل سبحانه بين السكر والرزق الحسن وكله توجيهًا رقيقًا أحس منه أذكياء المسلمين أنها بداية لتحريم الخمر، ثم كانت الإشارة الثانية في سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: ٢١٩] وتشير هذه الآية إلى تحقيق مرحلتي الوعي والاقتناع، وهما خطوتان أساسيتان من خطوات تغيير الاتجاهات Attitude change على المستوى اللفظي، ثم جاءت الإشارة الثالثة في سورة النساء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء:٤٣] وهو هنا يربط الصلاة بالامتناع عن الخمر، فهو سبحانه يحض المسلمين على اتخاذ موقف عملي من الخمر بالامتناع عنها حتى تصح الصلاة، وهو في الواقع امتناع ونهي عن التعاطي؛ لأن الإنسان لا يستطيع عمليًّا أن يشرب ثم يفيق قبل حلول موعد الصلاة، ثم جاءت الخطوة الحاسمة في سورة المائدة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:٩٠]

أما الزنا فقد تدرج به الأمر من النصيحة إلى التهديد بالعقوبة إلى

<<  <   >  >>