للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالانتظار، ويتمثل في أن يدفع المال إلى الغير لأجل معلوم أو غير معلوم، في نظير أن تؤدي في نظير الأجل أموال الربا. ومنع الإسلام هذا الطريق لأنه لا مخاطرة فيه إذ إنه كسب لا خسارة فيه، فهو ربح مستمر من غير أي تعرض للخسارة، ولأنه يؤدي إلى أن توجد طائفة من الناس لا تسهم في أي عمل إنتاجي وتكون في حالة بطالة إلا ما تقضيه متابعة الدائنين والسير وراءهم وعمل الحساب للأرباح بسيطها ومركبها، ولأن ذلك كسب من غير القيام بأي عمل، لأنه كسب غير طبيعي -كما قال أرسطو فإن النقد لا يلد النقد. يضاف إلى ما سبق أن الربا يتعارض مع مبدأ التكافل الاجتماعي إذ إن التكافل يقتضي التعاون، الذي من صوره التعاون بين صاحب رأس المال والعمل بحيث يكون المكسب والخسارة مشتركة، أي يتحمل طرفي- رأس المال والعمل- المخاطرة معا، وليس ضمان الربح من جانب صاحب رأس المال فقط فهذا هو الربا المحرم. وقد يذهب البعض إلى أن يؤجر أرضه فإنه يحصل على المال من خلال الانتظار دون مخاطرة، فلماذا أباح الإسلام الإجازة وهي ليست إلا كسبا عن طريق الانتظار تماما مثل الربا؟

والواقع أن الإجازة هي دفع عين مغلة مملوكة، ولواضع اليد عليها اختصاص يبيح استغلالها بكل الطرق، والفرق بين المنقود والأرض، أن الأرض مصدر مغل، فغلتها من عمل العامل فيها لا من ذاتها بخلاف الأرض، فليست حصة صاحب الأرض بالإيجار إلا جزءا مما تنتجه الأرض. فإذا كان لها شبه بالكسب بطريق الانتظار فشبهها بالكسب عن طريق الزرع أقوى.

وهناك من الفقهاء من منعوا إجارة الأراضي الزراعية ولم يبيجوا إلا المزارعة لأن المزارعة مشاركة، فهي إنتاج زرع ومخاطرة بالكسب والخسارة، ولأنه ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إذا كان لك أرض فازرعها أو ادفعها إلى أخيك يزرعها" ولم يرد نص بإجارتها. غير أن جمهور

<<  <   >  >>