لكنه قيدها بضوابط تدفع الأضرار وتجلب المنافع، مثل التراضي وحرية الاتجار وتحدث الفقهاء عن تنظيم الاتجار في الدائرة الشرعية فتكلم الفقهاء عن قيد السلم وهو البيع الذي يكون المبيع فيه مؤجلَا والثمن معجلَا لينتفع بذلك من عنده مال ويريد بضاعة مستقبلًا ومن ينتظر بضائع، أو من ينتج زرعًا ويريد مالًا عاجلًا. كذلك تحدث الفقهاء عن عقد المرابحة بأن يبيع التاجر ما عنده على نسبة معينة في الثمن تكون ربحًا، وتحدثوا كذلك عن عقد التولية بأن يكون البيع بمثل الثمن -وذلك عادة يكون بين التجار أنفسهم ليسد كل تاجر نقص بضاعته مما عند الآخر ... ويحرص الإسلام أن ينطلق كل تنظيم اجتماعي أو اقتصادي للسلوك الإنساني من منطلق دفع الضرر وجلب المنفعة وتحقيق التعاون والتكافل الاجتماعي بين الناس.
ولهذا يحرم الإسلام بيوع الغرر - والغرر هو الخطر وقال ابن عرفة هو ما كان ظاهره يغر وباطنه مجهول- وقال صاحب المشارف: بيع الغرر وهو بيع المخاطرة وهو الجهل بالثمن أو المثمن أو سلامته أو أجله. وبيع الغرر يعنى إذن البيع الذي لا يتحقق من نتائجه ذلك لأن هذه النتائج تكون متوقفة على أمر مستقبل مجهول قد يقع وقد لا يقع. مثال هذا بيع الثمار قبل نضجها، أو بيع السمك في الماء، أو بيع الحيوان قبل ميلاده ... وتحريم هذا النوع من البيع ثابت بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام. فعن أبي هريرة قال: نهى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- عن بيع الغرر رواه مسلم وعن علي قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وبيع الغرر وبيع الثمرة حتى تدرك" رواه أبو داود.
وحكمة تحريم هذا النوع من البيوع سد باب الخلافات والمنازعات المحتمل حدوثها بين المتعاملين، طالما أنها تشبه المقامرة التي لا تنتهي في الغالب إلا بحدوث مشكلة.