المتوقع، فهم يقولون إنه إذا لم يكن خلاف ولا نزاع فإن الإحياء وحده سبب للملكية، وأبو حنيفة يتوقع الخلاف فيعمل على الوقاية منه قبل وقوعه -ويذهب أبو حنيفة إلى أن سلطان الدولة قائم على الأراضي كلها- مواتًا أو غير موات -وأن غير الموات عليها سلطان لأصحابها، وأصحابها في ولاية الإمام العامة المنظمة للحقوق والواجبات فيها ولهم سلطان محدود، الشيخ محمد أبو زهرة في دراستة عن المجتمع الإسلامي١٨ إلى أن هذا الرأي الأخير يتفق مع نظام الولاية الإسلامية وهو أجدر بالقبول لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه". وإذا كان الإحياء سبب للملكية فإن الملكية لا تنتقل إلى غير المحيي إلا بسبب مشروع من أسباب انتقال الملكية، وإذا ما عادت مواتًا وهي في يد المحيي أو يد وريثه، فإن الملكية لا تزول وعلى ولي الأمر الحاكم أن يلزمه بالإحياء لأن تركها مواتًا يضر بالصالح العام. وقد اختلف الفقهاء في هذا الأمر -فالإمام مالك يرى أن الملكية تزول لأن العلة في التملك الإحياء وقد زال، فإذا زال السبب بطل المسبب. والإحياء كاصطياد الحيوان، فالاصطياد هو سبب الملكية، فمن اصطاد سمكًا من البحر ولكن سقط في الماء حيًّا تزول ملكيته.
وقد ناقش الفقهاء قضية مهمة وهي ملكية الرقبة والمنفعة -فهل التملك بالإحياء يؤدي إلى ملكية الرقبة أم المنفعة أم لكليهما؟ يذهب بعض الفقهاء أنه في البلاد المفتوحة- إذا كان المحيي مسلمًا- ملك الرقبة والمنفعة، وإذا كان غير مسلم فإن الملكية تكون للمنفعة فقط -لأن