للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلم سوف يخرج الزكاة على الزرع والثمار -والزكاة عبادة إسلامية لا يلزم بها غير المسلم احترامًا من الإسلام لحرية العبادة. ولهذا فإن غير المسلمين يجب عليهم دفع الخراج الذي هو في طبيعته مقاسمة بين الدولة وواضع اليد تحقيقًا للتكافل الاجتماعي حيث تلتزم الدولة المسلمة بتغطية حاجات فقراء غير المسلمين.

وهناك رأي ينظر إلى القضية -ليس من زاوية المحيي ولكن من زاوية طريقة الحصول على الماء الذي ينبت الزرع ومصدره، فنوع الملكية يتبع الماء فإن كانت تسقى من ماء السماء أو من الآبار أو بماء الأنهار العظام التي لا تقع في قبضة أحد فإنها تكون مملوكة الرقبة وتكون الأرض عشرية لأن هذه المياه لم يكن لغير المسلمين سلطان عليها. أما إذا كانت تسقى من نهر حفره غيرالمسلمين فإنها تكون خراجية أي لا تكون الملكية فيها تامة- هذا إذا كان الذي أحياها مسلمًا، أما إذا كان الذي أحياها غير مسلم فإنها تكون خراجية تحقيقًا للتكافل الاجتماعي بدون مساس بحرية العقيدة.

هذا هو التصور الإسلامي لإحياء الأرض بالزراعة والعمران والتسوية وتقسيمها إلى بيوت وإنشاء قرى وتحويل الصحاري إلى مناطق زراعية مثمرة عامرة. وفتح باب الإحياء في الحقيقة هو فتح لباب العمارة في الأرض وتنمية الثروة ومواجهة مشكلات تزايد السكان وتحقيق للتطلعات المشروعة المتزايدة للناس وللتعاون بين الناس، ذلك أنه مع نمو الزراعة تنمو مقادير الزكاة ومقادير الخراج مما يحقق النفع للجميع. وقد قرر الفقهاء أن وجوب الزكاة في الزرع وجوب مقاسمة فهي بمقدار عشر ما تخرجه الأرض إن سقيت بغير آلة، وبمقدار نصف العشر إن سقيت بآلة. وبذلك يكون بيت مال الزكاة شريكًا لمن أخرج الزرع أو تعهد الغراس، الأمر الذي يجعل من الإحياء سبيلًا لتحقيق التنمية الاقتصادية من جهة، ولتحقيق أعلى درجة من درجات التكافل الاجتماعي بين أعضاء المجتمع من جهة أخرى.

<<  <   >  >>