أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] وتوجهنا الشريعة إلى إقرار الرهن والإشهاد على المبايعات يقول تعالى: {وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣] ، ويقول تعالى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢] .
واهتمت الشريعة بالجانب المادي للإنسان وأساسه المعاملات إلى جانب اهتمامها بالجانب الروحي وأساسه العبادات. وقد حثت الشريعة على البيع والشراء ورغبت فيهما تحصيلا للرزق ووضعت آدابا حتمت رعايتها والالتزام بها من أجل قضاء المصالح وتوفير الحاجات بشكل يخلو من الغش والخديعة والتضليل، وقد مر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل يبيع الطعام فأعجبه ظاهره فأدخل يده فيه فوجد به بللا فقال عليه السلام:"ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: أصابته السماء -يريد أن المطر نزل عليه- فقال عليه السلام:"فهلا أبقيته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غش -وفي رواية- من غشنا، فليس منا" وهكذا يحكم النبي عليه الصلاة والسلام بأن من غش في الطعام -وهو من أبسط أنواع الغش- يخرج من جماعة المؤمنين، ذلك لأن الإيمان يقتضي الصدق ولا يتفق مع الكذب. وإذا كان الغش هو تقديم الباطل في ثوب الحق، فإن الغش منهي عنه في الرأي والعمل والفتوى والتوجيه والوظيفة والبيع والشراء. وقد أرسل الله سبحانه شعيبا عليه السلام يدعو الناس إلى التوحيد وتحذيرهم من نقص الكيل والميزان معتبرا لك إفساد في الأرض بعد إصلاحها، قال تعالى:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[الأعراف: ٨٥] . ويستهدف التوجيه القرآني الكريم تربية الإنسان على عدم الإضرار بالآخرين واحترامهم والقضاء على أخلاقيات الغش والخديعة والظلم وهو ما أسماه الإفساد في الأرض.