يمكن القطع بأن الإسلام يحرم الربا بنص القرآن الكريم، وقد اتخذ في تحريمه أسلوبًا متدرجًا مراعاة للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة، وحتى يمكن استئصال كل المعاملات الربوية التي سادت الجاهلية بشكل كلي وجذري. وقد استخدم القرآن الكريم في تحريم الربا نفس الأسلوب المتدرج الذي اعتمد عليه في تحريم الخمر. وعلى الرغم من الاتفاق على تحريم الربا، إلا أن الخلاف قائم في تحدي المقصود بالربا -وسوف لا ندخل هنا في بيان أوجه الخلاف حول تحديد الربا مكتفين ببيان أسلوب القرآن التدريجي في تحريمه نهائيًّا- والربا في اللغة يشمل كل زيادة، ولكن لا يمكن أن تكون كل زيادة ربا، لأن البيع يشتمل على الزيادة وهو مباح لقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] ، وقد حرمت النصوص القرآنية الربا دون بيان المراد منه، ذلك لأنه كان معروفًا على عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن الربا المحرم هو نظام الربا الذي ساد الجاهلية والمتعارف بين الناس في ذلك الحين. وقد نزلت في الربا أربع آيات، واحدة في مكة وثلاث في المدينة مما يؤكد حرص القرآن الكريم على تحريم هذه المعاملة الكريهة التي تتضمن الظلم والاستغلال البشع الكريه الذي تشمئز منه النفس الإنسانية.
وتبين الآية الأولى أن الربا أمر منفر وغير مرغوب فيه، كما تدعو إلى دفع الزكاة التي تتضاعف عند الله سبحانه، لكنها لم تذكر التحريم، قال تعالى:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}[الروم: ٣٩] ، ثم جاءت الآية الثانية تذم اليهود لأنهم يأكلون الربا وقد نهوا عنه، ولأنهم يأكلون أموال الناس بالباطل. وعلى الرغم من عدم ورود نص قاطع في تحريم الربا حتى هذه المرحلة إلا أن سياق النص القرآني الكريم يؤكد كراهية التعامل بالربا، ويهيئ الأذهان والنفوس لتحريم الربا تحريمًا قطعيًّا، قال