للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القحط قد اشتد وأن الطعام قد ندر وأن الناس متفاوتة الأرزاق بشكل واضح، وأحس أن من بين رعيته من ينام على الطوى جائعا ومنهم من يختزن أكثر من كفايته، صادر الكثير من الطيبات وأودعها بيت المال وقسمها على الناس كل بقدر حاجته -طبقا لإحصاءات دقيقة- ولم يعترض عليه أحد من الصحابة رضوان الله عليهم، بل أقروه فيما عمل.

والحاكم الإسلامي مطالب بتحقيق وتطبيق العدل الاجتماعي والاقتصادي بين الناس، وهو مطالب بالبدء بنفسه أولا كقدوة، فالمال مال الله ليس أحد أحق به من أحد، وقال عليه السلام: "ما أعطيكم ولا أمنعكم إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت" وقال عمر بن الخطاب: "والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، وما أنا أحق به من أحد، والله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب. ولئن بقيت لكم ليأتي الراعي بجبل صنعاء حظه من هذاالمال وهو يرعى مكانه". وقد فرض عمر في بيت المال فروضا شهرية لكل رجل ولكل امرأة ولكل صغير وكبير، بل أنه فرض لكل طفل يولد بمجرد ولادته. ويشير الكاتب الهندي الدكتور محمد يوسف الدين في بحث له بمجلة البعث الإسلامي إلى أن نظام الحكم في الإسلام يقوم على الأخوة الإنسانية والعدالة الاقتصادية، وأن الدول الحاضرة لو طبقت نظام الاقتصاد الإسلامي لتمتع كل فرد بحقوق اقتصادية متساوية. وأشار إلى أن عمر بن الخطاب عندما نظم للناس مخصصات شهرية عام الرمادة لم يحدد الرواتب بالحدس والتخمين، وإنما قام بتعيين مقادر الطعام لكل فرد استنادا إلى إحصاءات دقيقة. وقد أنشأ عمر بن الخطاب في العام العشرين للهجرة إدارة حكومية أطلق عليه اسم الديوان، كانت مهمتها إحصاء السكان على فترات معينة. وعلى هذا الأساس كانت تحدد أنصب كل فرد من بيت المال.

وتطبيقا لمبدأ المساواة الاقتصادية بين الحاكم والمحكوم أرسل عمر إلى عبد الرحمن بن عوف الصحابي الثري المعروف يقترض منه أربعمائة

<<  <   >  >>