للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطيب الذي هو خير كسب. وقد جاء رجل إلى النبي يطلب منه صدقة من بيت المال فوجده النبي -صلى الله عليه وسلم- قويا قادرا فلم يعطه مالا ينفق منه، لكنه اشترى له فأسا وأعطاه إياه ليحتطب بها ويأكل من عمل يده. وقال عليه السلام: "لأن يحتطب أحدكم بفأسه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه". وتكريم الإسلام للعمل اليدوي يؤدي إلى أداء الأعمال اليدوية التي تحتاجها الأمة من جهة، ويمنع الناس من أن يحتقروا بعضهم بعضا، فلا تكون هناك طبقة عاملة تنال الاحتقار، وأخرى -لا يعمل بيدها- تنال التقدير والاعتبار٣٧.

ب- تمكين كل ذي موهبة وقدرة من الانتفاع بموهبته وقدرته، فقد قرر فقهاء الإسلام أن كل ما يقوم عليه العمران من هندسة وطب وفرحة للأرض وإقامة المصانع والجهاد في سبيل الله تعالى دفعا للأذى وحماية للحوزة ... واجب على الأمة، وهو واجب على وجه الخصوص على من كان قادرا بالفعل على واحد من هذه الأمور، وواجب على العموم على الأمة ممثلة إرادتها في ولي أمرها والقائمين على شئونها. ومعنى هذا أنه يجب على الدولة الإسلامية تشجيع الكفايات وتنمية قدرات أبنائها ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

وقد قدرر بعض فقهاء المسلمين أن إتاحة الفرصة أمام الجميع ليظهروا مواهبهم وقدراتهم إنما يتحقق من خلال نظام تربوي تعليمي متدرج فالمرحلة التعليمية الأولى تكون عامة للأمة كلها، لا يتخلف عنها أحد. ومن كان لديه القدرة على متابعة الدراسة في المرحلة الثانية دخل المرحلة الثانية، أما من وقفت به مواهبه عند المرحلة الأولى، وقف عند أمر يحتاج إليه العمران، حيث يكون من بينهم العاملين بأيديهم في الأرض وفي المتاجر وفي الصناعات اليدوية ... وغير ذلك مما لا يحتاج إلى تخصيص فني مهني رفيع.

<<  <   >  >>