للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ينهي المرحلة الثانية من التعليم أو التأهيل واحد من اثنين، إما أن يكون لديه قدرة على متابعة التعليم في المرحلة الثالثة، حيث يتم التخصص الفني والعلمي والمهني التقدم -طب- قيادة عسكرية، قضاء ... وإما أن يقف عند نهاية المرحلة الثانية بسبب طبيعة قدراته وميوله ... هؤلاء الذين يقفون عند نهاية المرحلة الثانية تحتاج إليهم الأمة ليمارسوا بعض الأعمال التي لا تحتاج إلى تخصص فني متقدم مثل العمالة الفنية في مجال الصناعة وأعمال الحسابات البسيطة ... تلك الأعمال التي لا يكفي لممارستها اجتياز المرحلة التعليمية الأولى فقط٣٨، ولا يدخل المرحلة الثالثة إلا من تؤهله قدراته لهذه المرحلة المتخصصة المتعمقة من الدراسة والتي تخرج المؤهلين تأهيلا رفيعا لتولي مناصب الدولة الحساسة.

وهذا يعني أن أبناء كل مرحلة يجب عليهم أداء الأدوار والواجبات كل فيما يخصه ويستطيعه، وعمل الأمة ممثلة في ولي أمرها أن تسهل لهم التعليم والقيام بهذه الواجبات، وأن تؤهلهم التأهيل الذي يمكنهم من أداء دورهم حسب قدرتهم واستعداداتهم الفطرية وميولهم المكتسبة. وهنا تبرز وظيفة الدولة في تأهيل أبناء المجتمع تأهيلا حرفيا ومهنيا، وإذا تركت الأمة هذا الواجب تكون قد باءت بالإثم وتحملت الوزر ولم ينج منه حاكم ولا رعية لأن الفرض الكفائي مطلوب من الأمة بجميع أفرادها القيام به. وقد ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه الموافقات أن القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة فهم مطالبون بسدها على الجملة فبعضهم هو قادر عليها مباشرة وذلك من كان أهل لها، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها. فالقادر إذن مطالب بإقامة الفرض، وغير القادر مطالب بتقديم ذلك القادر. وهذا يعني أن الإسلام أوجب على الحاكم القيام بتلك المهمة الشاقة متمثلة في تأهيل جميع الأفراد لما يناسبهم ويستطيعون القيام به٣٩.

<<  <   >  >>