وقال السيوطي:"ومن القواعد المشتهرة قولهم: البدل والمُبدل منه، والعوض والمُعوض منه لا يجتمعان" ومن المهم الفرق بين البدل والعوض، ثم أورد نصين أحدهما من كتاب (تذكرة النحاة) لأبي حيان، والآخر لابن جني من (الخصائص)، ويدور هذان النصان حول ذكر الفرق بين البدل والعوض. وإنما ذكر السيوطي أنه من المهم معرفة الفرق بين البدل والعوض؛ لأن بعض النحاة يُطلقون لفظ البدل ويريدون به العوض، ومن هؤلاء المبرد في (المقتضب)، وابن يعيش في (شرح المفصل)، والعلامة الرضي في شرحه على (شافية ابن الحاجب)، وأبو الحسن الأشموني في شرحه على (ألفية بن مالك)، وهذا الإطلاق من باب التجوّز.
وقد أوضح أبو حيان في نصه المنقول عن (التذكرة) أن البدل لغةً العوض، ويفترقان في الاصطلاح، ثم أشار إلى بعض الفروق الاصطلاحية بينهما؛ فالبدل عند علماء النحو هو أحد التوابع الخمسة، وقد عرفه النحويون بأنه: التابع المقصود بالحكم بلا واسطة، وهو يجتمع مع المبدل منه، قال الله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}(الفاتحة: ٦، ٧) فقوله سبحانه: {صِرَاطَ الَّذِينَ} بدل من الصراط، وقد اجتمعا، وقال -عز وجل-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(آل عمران: ٩٧) فـ {مَنِ اسْتَطَاعَ}: بدل من {النَّاسِ}، وقد اجتمعا، وإنما يجتمع البدل مع المبدل منه لأن المقصود بالحكم هو البدل، وأما المبدل منه فهو يُذكر توطئة وتمهيدًا، ومن هنا يقولون: المبدل منه في حكم الطرح من جهة المعنى غالبًا، ويكون الغرض من ذكر البدل أن يُذكر الاسم المقصود بالحكم بعد التوطئة؛ لإفادة توكيد الحكم وتقريره، ولذلك يرى الأكثرون أن عامل البدل مقدَّر دلَّ عليه العامل في المبدل منه، فهو مع البدل جملة أخرى في الحقيقة، وإن كانوا يسمون الكلام المشتمل على المبدل منه والبدل جملة واحدة؛ اعتبارًا بظاهر اللفظ.