للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه أبقى فينا ما يحل النزاع ويدل على الحق، وهو كتابه، ولهذا قال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٠٣] وهو القرآن {جَمِيعاً} ليس بعضكم فقط، بل جميعاً، أي جميع الخلق عموماً، وهذه الأمة خصوصاً {وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: ١٠٣] {شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّار} دين الجاهلية {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: ١٠٣] أنقذكم بالإسلام، وبهذا القرآن، فاشكروا نعمة الله عز وجل. والاعتصام بحبل الله هو الاعتصام بالكتاب؛ لأن الكتاب هو حبل الله الممدود الذي من تمسك به نجا، ومن أفلت منه هلك.

هذا ما قصّه علينا من حالة أهل الجاهلية: أنهم {فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣٢] ، ثم نهانا عن ذلك، نهانا أن نتشبه بهم، ثم أمرنا بالاعتصام بكتابه الذي هو أمان من الاختلاف وأمان من النزاع والهلاك، فلا نجاة إلا بالاعتصام بكتاب الله جل وعلا، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] ، فأهل الجاهلية متفرقون في دينهم، كما قال تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣٢] مسرورون بمذهبهم، وإن كان

<<  <   >  >>