للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطلاً. وكذلك كانوا متفرقين في دنياهم؛ لأن من ضيع الدين ضيع الدنيا، فكانوا في دنياهم متفرقين لا يجمعهم جماعة؛ بل كل قبيلة تحكم نفسها بنفسها، وكل قبيلة تستبيح دماء القبيلة الأخرى وأموالها.

هذه حالة العرب قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، لما ضيعوا دينهم ضيعوا دنياهم، وصار الخوف والقلق والجوع ملازماً لهم دائماً، وكانت الجاهلية كلها حروب، وكلها غارات وثارات، حتى الإخوة يتقاتلون في الجاهلية، فالأوس والخزرج في المدينة هم أخوة من ناحية النسب، قبيلة واحدة قحطانية، لكن قامت بينهم حرب طاحنة استمرت أكثر من مائة سنة، يسمونها "حرب بعاث" بين الأوس والخزرج، وكان اليهود يوقدونها، فلما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وهاجر إلى المدينة، جمعهم الله به، وطفئت الحروب، وتآخى المسلمون، وصاروا يداً واحدة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا ما ذكَّرهم الله به {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران: ١٠٣] ألف الله بين قلوبهم بالإسلام، وانطفأت الحروب التي بينهم، وصلحت دنياهم كذلك بقية قبائل العرب لما دخلوا في الإسلام، صلحت دنياهم لما صلح دينهم، وأمنوا على دمائهم وأموالهم، وصاروا يسيرون في الأرض آمنين،

<<  <   >  >>