مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: ١٢] يزعم أن النار خير من الطين، فيكون هو خيراً من آدم. وهذا قياس فاسد؛ لأن النار ليست خيراً من الطين، بل الطين خير من النار؛ لأن النار محرقة متلفة للأشياء، أما الطين فهو ينبت الأشياء والبذور، وفيه خير للناس. فلو ذهبنا إلى القياس لقلنا: الطين خير من النار، مع أن الاعتماد ليس هو على القياس، بل الاعتماد على اختيار الله سبحانه وتعالى وتفضيله، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويختار، لا اعتراض عليه، وله الحكمة البالغة، سبحانه وتعالى.
كذلك المشركون قاسوا هذا القياس لما كذبوا الرسل، قالوا:{إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}[إبراهيم: ١٠] استدلوا ببشريتهم على عدم صحة رسالتهم؛ لأن الرسالة لا تصح في البشر بزعمهم. وهذا قياس رسالتهم؛ لأن الرسالة لا تصح في البشر بزعمهم. وهذا قياس باطل، لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الرسل فضلهم الله على غيرهم، واصطفاهم واختارهم، وهو أعلم –سبحانه وتعالى –بحالهم وصلاحهم للرسالة {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}[الحج: ٧٥،٧٦] ، ولهذا لما قالوا لرسلهم: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا