للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: ١١] .

تقول الرسل: الله فضّلنا بأنه منّ علينا واختارنا للرسالة، فقياسكم قياس مع الفارق؛ لأن البشر لا يستوون، وليسوا على حد سواء، منهم المؤمن ومنهم الكافر، ومنهم الرسل والعلماء والصالحون، ومنهم الجهال والكفار والفساق، فالبشر يتفاوتون، فهناك فارق، والقياس مع الفارق يكون باطلاً؛ لأن هذا من قوادح القياس عند الأصوليين.

بل الحكمة تقتضي أن يكون الرسول إلى البشر بشراً مثلهم؛ من أجل أن يبين لهم، قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً} [الإسراء:٩٥) ] ، فالرسول يكون من جنس المرسل إليهم؛ من أجل تبليغ الرسالة، والحكمة تقتضي أن يكون رسول البشر من البشر، ولو كان الذين يعيشون على وجه الأرض ملائكة، لأرسل إليهم من جنسهم ملكاً.

ومن عجائب انتكاس هؤلاء: أنهم يستبعدون الرسالة في البشر، ولا يستبعدون أن تكون العبودية للحجر! فلا يستبعدون أن تكون الربوبية والإلهية للأحجار والأشجار، ومع هذا يستبعدون ويستنكرون أن تكون الرسالة في البشر، وهذا

<<  <   >  >>