للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمالك غالبًا، وهو حجة عنده، والذي في البخاري قد حذف إسناده عمدًا لقصد التخفيف إن كان ذكره في موضع آخر موصولًا، أو ليقصد التنويع إن كان على غير شرطه، ليخرجه عن موضوع كتابه"١.

ففي الموطأ: المسند المتصل المرفوع، والمرسل المنقطع والبلاغات، ومع هذا فقد صنف حافظ المغرب أبو عمر بن عبد البر "٣٦٨ - ٤٦٣هـ" كتابًا في وصل ما في "الموطأ من المرسل والمنقطع وغيرهما".

وقد اختلف العلماء في منزلة الموطأ؛ فبعضهم قَدَّمَهُ على الصحيحين، ومنهم من جعله في مرتبتهما، ومنهم من قال المرفوع المتصل صحيح كأحاديث الصحيحين، وما سوى المرفوع المتصل يعتبر فيه ما يعتبر بغيره من الحديث. ورأى آخرون أن الموطأ يأتي في منزلة بعد صحيح مسلم. وقد يكون هذا القول هو الأرجح والأصوب.

ومع كل هذا فإن الموطأ من أقدم ما وصلنا من مؤلفات الحديث في النصف الأول من القرن الثاني، بعد أن وقفنا على مجموع الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي يؤكد قدم التصنيف في الحديث النبوي وأنه يعود إلى أواخر القرن الهجري الأول ومطلع القرن الثاني.

والموطأ من أجمع الكتب في عصره حتى قال الإمام الشافعي: "ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك". وقد روى الموطأ عن الإمام مالك عدد كبير من أهل العلم من مختلف البلاد من أهل المدينة ومكة ومصر والعراق والمغرب والأندلس والقيروان وتونس وبلاد الشام وغيرها، وانتشر في الآفاق. واهتم به طلاب العلم والعلماء، ووضعوا له عدة شروح ومختصرات كثيرة.

وطبع كتاب الموطأ مرارًا ومن أحسن طبعاته الطبعة التي حققها محمد فؤاد عبد الباقي وهي في مجلدين كبيرين، طبع سنة ١٣٧٠هـ - ١٩٥١م بدار إحياء الكتب العربية في القاهرة..


١ تدريب الراوي ص٤١.

<<  <   >  >>