للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- إسبانيا "الأندلس":

١- مكتبة دير الأسكوريال في مدريد١.


١ دير الأسكوريال على بعد خمسين كيلو مترًا من مدريد، وهو دير فخم شيد سنة ١٥٦٧م، وألحقت به دار كتب كبيرة تضم نفائس المخطوطات.
لقد شهدت الأندلس حضارة رائعة إبان الخلافة الإسلامية، ضاهت حضارة المشرق الإسلامي في جميع نواحي الحياة؛ فكانت غرناطة وقرطبة وأشبيلية وغيرها من أمهات مدن الأندلس تحاكي أخواتها بغداد ودمشق والقاهرة وغيرها في نشاطها العلمي، وتقدمها وازدهارها، وكانت تلك المدن حاضرة الدنيا آنذاك، وأن الآثار الإسلامية العظيمة التي لا تزال مائلة في فردوسنا المفقود لتنطق بما كان عليه المسلمون من تقدم وازدهار، وقد ذكرنا لمحة موجزة حول مكتبات الأندلس في عصر ازدهاره؛ ولكن ذلك المجد التليد وتلك الحضارة الرائعة خرجت من أيدي المسلمين في الأندلس حين دب الضعف في الخلافة واستقل الحكام في مقاطعاتهم في عصر ملوك الطوائف، وتفشي النزاع بينهم حتى جر بعضهم إلى حروب وفتن لا تمت إلى الدين بصلة، ومما يؤسف له أن بعض الحكام استعان بالأسبان على خصومة المسلمين؛ مما هيأ للأعداء فرصة الانقضاض على تلك الغنيمة الباردة؛ ففتكوا بأبناء المسلمين وسلبوا أموالهم واحتلوا ديارهم، ودردوا جلهم من تلك الديار العامرة، وحرقوا المكتبات وسرقوا بعض محتوياتها، وجمعوا ما بقي منها في خزائن خاصة بهم. وقد جرا ضعف المسلمين الأسبان فانقضوا على بعض مدن المغرب الأقصى وحملوا منه كل ما وجدوه فيها حتى كتب العلم وذلك سنة ٨١٧هـ الموافق ١٤١٤م، وقام الإسبان بحملة لتنصير المسلمين سنة ٧٨٩هـ، وكأن الكنيسة كانت تخشى الفكر الإسلامي وتخشى أن يطلع الإسبانيون على التراث الإسلامي؛ فأمر المطران خمينس - رأس الكنيسة - سنة ٩٠٥هـ بجمع الكتب الإسلامية من أنحاء الأندلس وكدست في أكبر ساحات غرناطة واحتفل بإحراقها، وقدر عدد ما أحرق يومذاك بما لا يقل عن مائة ألف مخطوط عن محاضرة الدكتور عبد الرحمن الحجي،=

<<  <   >  >>