للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرست قواعدها القوية في المدينة؛ فكانت مساجد المدينة التسعة إلى جانب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم محط أنظار المسلمين، يتعلمون فيها القرآن الكريم، وتعليم الإسلام والقراءة والكتابة، وقد تبرع المسلمون الذين يعرفون القراءة والكتابة بتعليم إخوانهم١، ولا يفوتنا أن نذكر أثر غزوة بدر في تعليم صبيان المدينة حينما أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأسرى بدر أن يفدي كل كاتب منهم نفسه بتعليم عشرة من صبيان المدينة القراءة والكتابة٢.

ثم اتسع نطاق التعليم، وانتشر في الآفاق الإسلامية بانتشار الصحابة رضوان الله عليهم، وكثرت حلقاتهم وانتظمت في المساجد وكثر المعلمون، وانتشرت الكتاتيب في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية وغصت بروادها٣.

وقد كان لانتشار الكتابة واتقانها أثر بعيد في تديون العلم وحفظه، وأول ما دون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يتنزل به الوحي من القرآن الكريم، والوثائق والمعاهدات، والكتب إلى الولاة وغير ذلك مما تحتاج إليه الدولة، كما دون جانب من الحديث النبوي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على يد من سمح له بكتابته كعبد الله بن عمرو بن العاص، ثم ما لبث أن اعتمد أهل


١ انظر كتابنا أصول الحديث ص١٤٢.
٢ انظر طبقات ابن سعد ص١٤ قسم١ ج٢.
٣ لقد غص كتاب الضحاك بن مزاحم المتوفى سنة ١٠٥هـ بالطلاب حتى اضطر إلى أن يطوف على حمار ليشرف على طلاب مكتبه، الذين بلغ عددهم ثلاثة آلاف صبي، وكان الضحاك لا يأخذ أجرًا على عمله. انظر معجم الأدباء ص١٦ ج١٢، وكتاب الأعلاق النفيسة ص٢١٦.

<<  <   >  >>