للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبار الكتب والمكتبات كثيرة جدًا؛ وإنما سقنا ما سلف لنبين اهتمام المسلمين بالعلم أفرادا ومسؤولين، رعاة ورعية، وقد كثرت المكتبات العامة منذ أواخر القرن الهجري الثاني، وأمدها الخلفاء والأمراء والمسؤولون بما تحتاج إليه من الموظفين والمواد الكتابية، وما يلزم لتجليد الكتب وغير ذلك١، وزودوها بأمهات الكتب في مختلف العلوم، وتبارى الخلفاء والأمراء في مشرق الدولة الإسلامية ومغربها وفي الأندلس في الحصول على أنفس الكتب٢ وأندرها، حتى زخرت خزائن المكتبات العامة بآلاف المجلدات، وقد روى أن خزانة قرطبة ضمت أربعمائة ألف مجلد٣ أبان ازدهار الخلافة في الأندلس؛ في حين أن شارل الخامس ملك فرنسا في القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي لم يستطع أن يجمع في مكتبة فرنسا الرئيسية أكثر من ٩٠٠ تسعمائة مجلد خمسها في اللاهوت٤.


١ كما نشطت صناعة الورق لسد حاجات التأليف والعلماء وطلاب العلم، وحاجات الدولة المختلفة، وتعددت مراكزها؛ فقد كان في الأندلس مصانع غرناطة وبلنسية، وطليطلة يصنع فيها أجود أنواع الورق. عن محاضرة الدكتور عبد الرحمن علي الحجي بعنوان الكتب والمكتبات في الأندلس التي ألقاها مساء ٢٨ /١٠ ١٣٨٩هـ في قاعة المحاضرات بجامعة الرياض.
٢ كان الحكم صاحب الأندلس يبعث في شراء الكتب إلى الأقطار رجالًا من التجار، ويرسل إليهم الأموال لشرائها حتى جلب منها إلى الأندلس ما لم يعهدوه، وعندما سمع بكتاب الأغاني أرسل لمصنفه أبي الفرج الأصفهاني ألف دينار من الذهب العين؛ فبعث إليه بنسخة منه قبل أن يخرجه في العراق، وكذلك فعل مع القاضي أبي بكر الأبهري سنة ٣٧٥ في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم. انظر تاريخ التربية الإسلامية ص١٤٦ ج٤.
٣ وذكر المستشرق وليم درابر أنها ضمنت ستمائة ألف مجلد. انظر فهارس المكتبة العربية في الخافقين ص٤. عن كتاب المنازعة بين الدين والعلم لرابر.
٤ عن محاضرة الدكترو الحجي.

<<  <   >  >>