للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما صالح: فإنه قد وثقه جماعة، وضَعَّفَهُ آخرون١. وغاية ما رَمَوهُ به: أنه اختلط قبل موته، لكن مَيَّزَ الأئمة النُّقَّادُ بين سماع من سمع منه قبل الاختلاط وبعده، فقال علي بن المديني: "صالح ثقة، إلا أنه خَرِفَ وكَبِرَ، فَسَمِعَ منه قومٌ وهو خرف كبير، فكان سَمَاعهم ليس بصحيح، سفيان الثوري ممن سمع منه بعد ما خرف، وكان ابن أبي ذئب قد سمع منه قبل أن يخرف"٢. وقال أحمد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: "ثقة حجة. فقلت له: إن مالكاً تركه. فقال: إن مالكاً إنما أدركه بعد أن خرف ... لكنَّ ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف"٣. وقال الجوزجاني: "تَغَيَّرَ أخيراً، فحديث ابن أبي ذئب عنه مقبول لِسِنِّه وسماعه القديم، وأما الثوري فَجَالَسَهُ بعد التغير"٤.

فهذا كلام هؤلاء الأئمة في أنَّ ابن أبي ذئب ممن سمع منه قديماً قبل الاختلاط، وقال ابن عديّ - بعد أن ذكر قدم سماع ابن أبي ذئب منه -: "ولا أعرف له حديثاً منكراً إذا روى عنه ثقة، وإنما البلاء ممن دون ابن أبي ذئب ... وصالح مولى التوأمة: لا بأس برواياته وحديثه"٥.

قلت: وهذا الحديث من رواية ابن أبي ذئب عن صالح، فلا مجال حينئذ للطعن فيه باختلاط صالح، ولذلك فقد ساق الذهبي هذا


١ انظر: تهذيب التهذيب: (٤/٤٠٥ - ٤٠٧) .
٢ سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني: (ص٨٦) .
٣ الميزان: (٢/٣٠٣) .
٤ أحوال الرجال: (ص ١٤٤) .
٥ الكامل: (٤/١٣٧٥ - ١٣٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>