إن أهم الثِّمَار التي تُجْنَى من جهد أولئك العلماء الجهابذة: تخريج التلاميذ والطلاب الذين يحملون راية الخير والهداية لمن بعدهم، امتداداً لجهود شيوخهم ونشاطهم، وحلقةً في سلسلة متصلة متماسكة لا تنقطع.
وكلما تبوَّأ هؤلاء الطلاب مكانتهم بين أهل العلم العاملين، وأئمته البارزين، وجهابذته المشهورين، كان ذلك تعبيراً حقيقياً عن مكانَةِ شيوخهم الذين خَرَّجُوهم، وعلمِهِم، وفَضْلِهِم؛ فالطالب النابغ إنما هو - بعد فضل الله وتوفيقه - ثمرة يانعة من ثمار جهد الأستاذ وعطائه المتواصل، ولعلَّ في قول الحافظ ابن حجر المتقدم في حق ابن القَيِّم وشيخه ابن تَيْمِيَّة، حين قال:"ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير: الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية ... لكان غايةً في الدلالة على عظم منزلته"١. لعلَّ في هذه الكلمة من ابن حجر - رحمه الله - ما يؤكد لنا هذه الحقيقة الظاهرة؛ إذ جعل الطالب النابغ، العالم، الفاضل منقبة من مناقب شيخه، وحسنةً من حسناته.
ولقد أَثْمَرَ جُهْدُ ابن القَيِّم - رحمه الله - ونشاطُهُ المتواصل، ودعوتُهُ الصادقة، ومجالسُ درسه وتعليمه، أثمر ذلك كله جملة من خيرة طُلاَّبِ العلم، الذين انتفعوا بابن القَيِّم - كما انتفعوا بغيره - فكانوا